البحث العلمي في العالم العربى: نتائج ودراسات
الثلاثاء، ٢٩ ديسمبر ٢٠٠٩
دراسة تحليلية لواقع البحث العلمى فى الوطن العربى
إن البحث العلمي هو القاعدة الأساسية التي تنطلق منها محاور التنمية الصناعية والاجتماعية والاقتصادية وهو مقياس التقدم للدول وأن التفاوت الواضح بين الدول المتقدمة والدول النامية يرجع بشكل أساسي إلى الاستثمار في البحث العلمي وتطبيق نتائجه في كافة القطاعات التنموية.
مقدمة : يعرف البحث العلمي ((Scientific Research في قاموس اللغة بأنه إجراء دراسة منظمة أو تجارب في أحد حقول المعرفة بكل دقة وتسلسل ومثابرة وأناه بغرض اكتشاف الحقائق وتفسيرها والوصول إلى مبادئ وقوانين جديدة وتأسيسها أو إعادة النظر في النظريات والقوانين المعروفة وفق حقائق جديدة، ويشمل كذلك الاستفادة من النظريات والقوانين الجديدة أو المطورة في التطبيقات العملية. لذا يقسم البحث العلمي إلى بحث علمي أساسي وبحث علمي تطبيقي. وللبحث العلمي وظيفتان أساسيتان هما اكتشاف معرفة جديدة من جهة، والتعليم والتعلم والتدريب لعلماء وباحثين ومهندسين وتقنيين يعملون في الصناعة والحكومة ومعاهد التعليم من جهة أخرى، وهاتان الوظيفتان مرتبطتان معاً إلى حد بعيد.
أما التطوير (Development)فهو تطبيق مقنن للمعرفة أو الفهم بغرض إنتاج مواد أو تجهيزات أو نظم أو وسائل مفيدة ويشمل تصميم القوالب الأساسية للمنتجات أو النظم وإجراء التحسينات عليها وفق المواصفات المطلوبة.
لقد ساهم البحث العلمي وما نجم عنه من تقدم علمي في جعل العالم قرية صغيرة وذلك من خلال وسائل الاتصال والمواصلات وثورة المعلومات وما تبعها من عولمة تؤثر بها وتتأثر بها جميع شعوب العالم ومؤسساته الاقتصادية. بالرغم من ذلك يمكن تتبع تقسيم خريطة العالم المعاصر وفق مستويات التقدم في البحث العلمي والتكنولوجيا إلى أربعة مجموعات وعلى النحو التالي :
- المجموعة الأولى التي تشمل الدول التي تقع على أعلى درجات سلم التقدم العلمي والتكنولوجي في مختلف المجالات ويمثله الولايات المتحدة الأمريكية واليابان ودول أوروبا الغربية .
- المجموعة الثانية وتشمل الدول التي تملك عناصر التقدم العلمي والتكنولوجي وتسعى إلى تطويرها ويمثلها روسيا وبعض دول أوروبا الشرقية.
- المجموعة الثالثة وتتكون من الدول التي تعمل على إدخال عناصر التقدم العلمي والتكنولوجي وجعلها من أولوياتها ويمثلها بعض دول العالم العربي والهند ودول جنوب شرق آسيا التي بدأت بالاقتراب في تصنيفها من العالم الثاني والأول.
- المجموعة الرابعة وتشمل الدول التي لا تملك أي وسيلة من وسائل التقدم العلمي والتكنولوجي وهي دول مستهلكة ومستوردة لبعض مخرجات البحث العلمي والتكنولوجيا وتقع في فلك دول أخرى لفقرها.
ولعله من المهم أن نؤكد أن هذا التقسيم التكنولوجي لبلدان العالم المعاصر هو تقسيم اصطناعي تتشابك فيه حلقة المجموعة الأولى مع المجموعة الثانية وهذه بدورها مع المجموعة الثالثة والتي تتقاطع أخيراً مع حلقة المجموعة الرابعة. وتجهد كل دولة مصنفة في أحد هذه المجموعات في الارتقاء في سلم البحث العلمي والتطوير التكنولوجي لتنتقل إلى الحلقة الأعلى منها،كما تخشى كل دولة تشغل إحدى الحلقات المتقدمة من أن تنزلق إلى الحلقة الأدنى إن هي غفلت عن أولوياتها ومسؤولياتها واستراتيجياتها في المتطلبات الأساسية للبحث العلمي. وقد أنشأت تلك الدول مؤسسات وهيئات متخصصة في شتى فروع المعرفة تعنى بتمويل البحوث الأساسية والتطبيقية وتطوير التكنولوجيا ورصدت الأموال اللازمة وجندت أعداد هائلة من الباحثين والعلماء والمفكرين وهيأت لهم البيئة المناسبة للبحث والتطوير والإبداع.
ولكن أين يقف عالمنا العربي في ظل هذا التقسيم التكنولوجي لدول العالم حالياً؟ إنه في القطع المشترك بين حلقتي المجموعة الثالثة والرابعة يسعى جاهداً لتأمين مقومات التكنولوجيا المعاصرة ويحاول تهيئة الوسائل الممكنة لامتلاكها.
و[2]يشهد العالم المعاصر تطورات عميقة ومتلاحقة بفضل ما تتيحه الامكانات التقنية في مجال العلم والتواصل والتكنولوجيا الحديثة للمعلومات بصفة عامة، وقد أدت هذه التطورات في ظل ما أصبح متعارفاً عليه بمجتمع المعرفة إلى إعادة تشكيل هندسة سلوكيات المجتمعات والأفراد سواء فيما يتعلق بإنتاج المعلومات ومعالجتها وبثها وكيفية الإفادة منها في مجالات البحوث العلمية والتقنية وتقديم الخدمات. ولعل العناية القصوى التي تحظى بها المواضيع المرتبطة بقضايا المعلومات العلمية والتقنية ُ تُبرز مدى أهمية هذا الموضوع الذي أصبح يستحوذ على قسط وافر من الأدبيات والبحوث والمؤتمرات والندوات على الأصعدة الوطنية والدولية.
رغم امتلاك الوطن العربي للثروات الطبيعية (من نفط وغاز ومعادن ...إلخ) وللعنصر البشري وفي بعض الحالات إلى بنيات تحتية لا بأس بها، يفتقر إلى الإرادة التي من شأنها أن تشكل حافزا لمواكبة التغيرات والمستجدات العلمية والتقنية في عصر يتميز بالسرعة والتكتلات والأخذ بزمام المبادرة حيث طغت هيمنة القطب الواحد وعظمت التحديات والرهانات. ولتقريب الصورة أكثر، سنسوق بعض الأرقام لتوضيح الوضع الراهن للبحث العلمي والتقني في الوطن العربي.
إلا أن أي حديث واقعي لملامسة مجال البحث العلمي والتطوير التقني يقتضي عملية تشخيصية باستعمال وسائل وطرق التقييم من أجل بلورة بدائل تتماشى وتطلعات البلدان العربية في إنجاز الأهداف الكبرى لكسب رهان التنمية المندمجة والمستديمة. حيث أن المهام الجديدة والمفاهيم المعاصرة لا يمكن إدخالها على أنظمة تتسم بالإكراهات البنيوية والأزمات الهيكلية. وتحقيقاً للأهداف المتوخاة لابد من الاستناد إلى المقومات التالية :
1. الهندسة القانونية والتنظيمية والهيكلية.
2. أجهزة لاتخاذ القرار والقيام بمهام التوجيه والتخطيط والتنسيق والتقييم. حيث يطال التخطيط طبيعة البرامج والأعمال التعاقدية وتحديد عدد وحدات البحث والتكوين في حين يهتم التنسيق بترشيد القدرات والإمكانات. فيما تسهل الهيكلة المحكمة العمليتين معا.
3. مد جسور التفاعل والتواصل بين المجتمع العلمي والمحيط الاجتماعي-الاقتصادي.
4. تشجيع البحث التطبيقي التنموي وتسهيل تنقل الباحثين داخل جغرافية الوطن العربي.
وتحتاج هذه المرتكزات إلى إدراج دعامات أساسية في منظومة البحث العلمي كالشمولية في التصور، والمنهج ، والتطبيق، والاستقلالية كوسيلة للتمكن من القيام بالمهام واستيعاب المفاهيم الجديدة، والأخذ بمبادئ التوحيد، والمرونة والانفتاح والشراكة والتعاقد.
المنهجية المتبعة
يتمحور العرض حول مقاربة البحث العلمي والتقني في الوطن العربي من خلال مستويات ثلاثة:
1. المستوى الأول، واقع البحث العلمي في الوطن العربي
2. المستوى الثاني، التدبير التشاركي وضرورة التكامل
3. المستوى الثالث، إشكالية تهجير الكفاءات والخبرات العربية
المؤشرات المعتمدة
ما هي المؤشرات الدالة على نمو مجتمع العلم والمعرفة؟
اختيرت مؤشرات نمو البحث العلمي والتقني كما هو متعارف عليها دولياً، أو ما يسمى بالمؤشرات المعيارية، وأدرجت حسب الأسبقية :
- معيار الإنتاج العلمي من خلال عدد المنشورات والإصدارات العلمية.
- النسبة المئوية من الناتج المحلي الإجمالي المخصصة لتمويل البحث العلمي.
- قياس عدد الباحثين في مجال العلم والتكنولوجيا بعدد السكان في الوطن العربي.
- قياس عدد وحدات ومراكز البحث العلمي.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المؤشرات تعطي فكرة عن واقع البحث العلمي والتقني في الوطن العربي بالقياس مع ما يجري في باقي بلدان العالم.
تحليل النتائج
ما تشهده البلدان المتقدمة من نماء اقتصادي غير مسبوق يرجع بالأساس إلى التطور العلمي والتقني بعد مجهودات جبارة وحثيثة تواصلت عبر عقود من الزمن. وقبل أن نغوص في تحليل دلالات الأرقام والإحصائيات المتوفرة، لا بد أن نقف عند جملة من الاستنتاجات التي خلصت إليها بعض التقارير الدولية. في هذا الإطار، يشير تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية PNUDوالصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي FADESلسنة 2002 إلى تراجع كبير في الدور الذي كانت تلعبه الأمة العربية في عصر النهضة وزمن التألق الحضاري حينما كانت للعلم وللعلماء وزن معتبر وللبحث والباحثين مكانة خاصة. حيث خلص التقرير إلى رصد ثلاثة عناصر تتحكم في معالم الوضعية الراهنة التي تحول دون تنمية حقيقية للدول العربية : وهي انعدام الحرية والنقص الحاصل في المعرفة والوضعية المزرية للمرأة. ما يهمنا في هذه الورقة هي إشكالية الفراغ المعرفي لما لها من تأثير مباشر على نمو البحث العلمي حيث تعاني البلاد العربية من فجوة كبيرة على مستوى المعارف تستلزم وضع استراتيجيات واضحة ومخططات سليمة لكسب رهان التنمية من خلال الجمع بين استيعاب المعرفة وكيفية تصريفها واكتساب التقنية وآليات تطويرها. كما يلزم إيجاد قنوات للربطبين المبدع الباحث وصانعي القرارات.
وقد أبان التقرير أيضاً، بعد دراسة أنجزت على 192 دولة، أن رأس المال البشري والاجتماعي يساهم بما لا يقل عن 64% من أداء النمو، أما رأس المالالمادي (تجهيزات وبنيات تحتية ومعدات ) فنسبته 16%، في حين يسهم رأس المال الطبيعي(من معادن وخيرات وتساقطات مطرية وغيرها) بالنسبة المتبقية أي في حدود %20.
من هنا، وجب التركيز على العنصر البشري في تفعيل مسلسل التنمية على اعتبار أن الرهان الحقيقي هو بناء الإنسان وذلك باكتساب المعرفة وامتلاك الأدوات واحتضان الكفاءات والخبرات وعدم التفريط فيها. وبما أن الوطن العربي اختار أن ينخرط في الدينامية العالمية بما تحمله من تحديات، فهو مطالب حتماً أن يرقى إلى مستوى التنافسية والجودة في العطاء مما يستوجب عليه بناء مجتمع العلم والمعرفة والنهوض بالتنمية البشرية.
ومن خلال دراسة مواقع الدول العربية في دليل التنمية البشرية يتضح أن الفرق كبير بين أول دولة وآخر دولة، كما تتوزع الدول العربية على التصنيفات الثلاثة التي يعتمدها التقرير وهي: تنمية بشرية عالية، ومتوسطة، ومنخفضة ولقد كانت إنجازات الدول العربية وفق مقاييس التنمية البشرية، أقل من المتوسط العالمي. غير أن إنجازات الدول العربية على صعيد مؤشرات الدخل كانت أفضل منها على صعيد مؤشرات التنمية الأخرى. وبهذا يمكننا القول بأن المنطقة العربية هي أغنى مما هي نامية.
ترتيب بعض الدول العربية حسب مؤشر التنمية البشرية
الترتيب لسنة 2001 | الدولة | الترتيب لسنة 2001 | |
البحرين | 40 | تونس | 89 |
الكويت | 43 | سوريا | 97 |
الإمارات | 45 | الجزائر | 100 |
قطر | 48 | مصر | 105 |
ليبيا | 59 | المغرب | 112 |
لبنان | 65 | اليمن | 133 |
السعودية | 68 | جزر القمر | 137 |
سلطنة عمان | 71 | السودان | 138 |
الأردن | 88 | موريتانيا | 139 |
المستوى الأول: واقع البحث العلمي في الوطن العربي
تنقسم دول العالم والبالغ عددها 231 دولة حالياً إلى ثلاث مجموعات تبعاً لقدرتها الوطنية على الإنتاج العلمي والتقني. وتوجد الدول العربية ضمن المجموعة الثالثة ، التي صنفت في خانة الدول الضعيفة أو الهامشية في هذا المجال حيث لم يتجاوز حجم الإنفاق لديها على البحث العلمي سوى 2 بالألف سنة 1998 من مجمل دخلها القومي في حين بلغت هذه النسبة حوالي 3% بالنسبة للدول المتقدمة. والحديث عن واقع البحث العلمي في الوطن العربي يقتضي الإجابة عن السؤال التالي: هل مستلزمات البحث العلمي (من اعتمادات ومراكز وإصدارات وأرشيف وإحصائيات وتجهيزات ومناخ علمي وإجراءات تحفيزية وثقافة بحثية وسلطة مقتنعة بالبحث العلمي...) متوفرة في الوطن العربي؟
وسوف توضح نوجز واقع البحث العلمى إلى ثلاث عناصر هى:
1. الإنفاق على البحث العلمي
إن وضعية البحث العلمي في الوطن العربي تبعث على الأسف لأنها ليست في حجم التطلعات والطموحات. فالميزانية المخصصة له في معظم البلدان العربية لا ترقى إلى المستوى المطلوب. فإذا كانت ميزانية البحث العلمي في السويد والولايات المتحدة الأمريكية واليابان تساوي 3,1% من الناتج القومي و2,4% في فرنسا وبريطانيا وألمانيا، و0,7% في البرتغال وإسبانيا واليونان، فإنها في المتوسط لا تتعدى 0,2% بالنسبة للبلدان العربية (الجدول 1). حيث تغطي المصادر الحكومية قسطاً وافراً من هذا الإنفاق (89%) في حين لا تساهم القطاعات الإنتاجية في البحث والتطوير إلا بنحو 3% فقط بينما تزيد هذه النسبة في الدول المتقدمة على 50%، وهذا يبين أن البحث العلمي في وطننا العربي مازال بعيداً عن اهتمامات السلطة وصناع القرار الذين لا يستندون إلى النتائج والدراسات العلمية في صناعة قراراتهم.
الجدول 1 : معدل الإنفاق من الدخل القومي الإجمالي ومصادر تمويل البحث في بعض الدول، 1990-1995.
المنطقة أو مجموعة البلدان | معدل الإنفاق (% من الدخل القومي الإجمالي) | نصيب الجهات الأخرى | ||
أخرى | الصناعة | الحكومة | ||
الولايات المتحدة اليابان، السويد | 3,1 | 4-10 | 55-70 | 20-30 |
ألمانيا، فرنسا، كندا، المملكة المتحدة، إيطاليا، أستراليا | 2,4 | 10 | 52 | 38 |
اليونان، البرتغال، إسبانيا | 0,7 | 11 | 35 | 54 |
تركيا، المكسيك | 0,4 | 5 | 14-31 | 65-73 |
البلدان العربية | 0,2 | 8 | 3 | 89 |
المصدر : إنتاج المعرفة في البلدان العربية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والصندوق العربي الإنمائي الاقتصادي والاجتماعي، تقرير التنمية الإنسانية العربية، 2003 ، الفصل الثالث.
2. الإنتاج العلمي
إن تقييم الإنتاج العلمي لبلد ما يتم من خلال عدد مقالات الباحثين التابعين لوحدات ومراكز البحث والصادرة في مجلات متخصصة وطنية ودولية تتوفر على لجان علمية تسهر على عملية تقييم هذه المقالات من خلال أهلية نشرها، وكذا عدد الرسائل والأطروحات التي تمت مناقشتها.
وفي هذا الصدد، تحتل مصر-من بين الدول العربية الإفريقية- الصدارة (وراء جمهورية جنوب إفريقيا) من حيث عدد المقالات المنشورة (الجدول 2) التي تغطي خمس الإنتاج العلمي الإفريقي (الجدول 4). وقد أدرجت نسبة مساهمة جمهورية جنوب إفريقيا (الجدول 3) من أجل الإستئناس لكونها أكبر قوة علمية على الصعيد الإفريقي على الإطلاق بنسبة 29% من مجموع الإنتاج العلمي الإفريقي (الجدول 3) الأمر الذي يرقى بهذا البلد إلى مصاف بعض البلدان الأوروبية.
فإذا أردنا مقارنة واقع البحث العلمي في البلدان العربية بأوروبا الغربية أو البلدان الصناعية عموماً فالمسافة شاسعة بين الوضعيتين.
الجدول 2 : مجموع الإنتاج العلمي في بعض الدول العربية ونسبة الشراكة الدولية.
البلدان | الإنتاج عدد المقالات المنشورة | الإنتاج المشترك الدولي % | الإنتاج المشترك مع أوربا |
المغرب | 3438 | 77,9 | 66,5 |
الجزائر | 2115 | 67,8 | 61,3 |
تونس | 2262 | 53,6 | 48,5 |
ليبيا | 525 | 39,8 | 14,0 |
مصر | 17298 | 27,4 | 10,7 |
موريتانيا | 42 | 90,5 | 66,7 |
السودان | 1037 | 54,3 | 35,2 |
جنوب افريقيا | 34860 | 19,5 | 9,3 |
المصدر: روسي، 1999.
الجدول 3 : الإنتاج العلمي ما بين 1991 و1997 في بعض الدول الإفريقية
مجموع الإنتاج العلمي 1991-1997 | المعدل السنوي | نسبة المساهمة إفريقيا | الرتبة | |
جنوب إفريقيا | - | - | 29 | 1 |
مصر | 8870 | 1300 | 20 | 2 |
نيجريا | 3802 | 550 | - | 3 |
المغرب | - | 400 | 7,5 | 4 |
الجزائر | 1165 | 165 | 2,5 | 7 |
كما أن تقييم الإنتاج العلمي يتم كذلك عبر عدد البراءات المسجلة من طرف المؤسسات الصناعية والعلمية، الذي يعطي صورة عن المستوى التكنولوجي في البلد (الجدول 4).
الجدول 4 : عدد براءات الاختراع المسجلة في الولايات المتحدة من بلدان عربية وغير عربية
دول أخرى | دول أخرى | ||
البلد | عدد براءات الاختراع | البلد | عدد براءات الاختراع |
البحرين | 6 | كوريا | 16328 |
مصر | 77 | "إسرائيل" | 7652 |
الأردن | 15 | الشيلي | 147 |
الكويت | 52 | ||
عمان | 5 | ||
السعودية | 171 | ||
سوريا | 10 | ||
الإمارات | 32 | ||
اليمن | 2 |
المصدر : إنتاج المعرفةفي البلدان العربية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والصندوق العربي الإنمائي الاقتصادي والاجتماعي، تقرير التنمية الإنسانية العربية، 2003 ، الفصل الثالث.
وتؤكد المؤشرات الخاصة بعدد براءات الاختراع للبلدان العربية ضعف نشاط البحث والتطوير وتخلفه عن الركب الحاصل في البلدان المتقدمة. ويبين الجدول 5 عدد براءات الاختراع المسجلة في الولايات المتحدة خلال الفترة ما بين 1980 - 2000 لبعض البلدان العربية مقارنة ببراءات الاختراع المسجلة لبلدان غير عربية مختارة.
كما أن الترجمة بجانب النشر تعدُّ إحدى القنوات الأساسية لتصريف المعارف واكتساب التقنيات. حيث يلاحظ من خلال المعطيات أسفله فقر كبير سواء على مستوى ترجمة الكتب أو إصدارها في البلدان العربية مقارنة مع البلدان النامية أو المتقدمة.
3. الموارد البشرية
أما عدد العلماء والمهندسين العاملين في مجال البحث العلمي داخل البلدان العربية، فإنه يتسم بانخفاض واضح بالنسبة لمناطق أخرى في العالم علماً أن هذه الفئة هي التي تشكل رافعة للتقدم العلمي والتقني داخل المجتمعات. كما أن هذا الانخفاض له ما يبرره إذا ما ربطناه بالوضعية المادية والمعنوية لهذه النخبة وظروف عملها مما يدفعها للهجرة والبحث عن فضاءات أخرى أكثر مرونة وانفتاحاً وأقل ضغطاً وإكراهاً.
4. مؤسسات البحث العلمي
الجدول 5 : عدد مراكز البحث العلمي (خارج الجامعات) في البلدان العربية.
الدولة | عدد المراكز | الدولة | عدد المراكز |
الأردن | 9 | سلطنة عمان | 2 |
الإمارات | 3 | فلسطين | 13 |
البحرين | 1 | قطر | 3 |
تونس | 24 | الكويت | 5 |
الجزائر | 30 | لبنان | 9 |
جيبوتي | 1 | ليبيا | 18 |
السعودية | 7 | مصر | 73 |
السودان | 14 | المغرب | 16 |
سوريا | 15 | موريتانيا | 3 |
الصومال | 3 | اليمن | 9 |
العراق | 22 |
المجموع : 280
المصدر : إنتاج المعرفة في البلدان العربية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والصندوق العربي الإنمائي الاقتصادي والاجتماعي، تقرير التنمية الإنسانية العربية، 2003 ، الفصل الثالث.
أما مراكز وهيئات البحث العلمي فلا يتعدى عددها الثلاث مائة ، ويبين الجدول (5) كيفية توزيعها بالنسبة لمختلف البلدان العربية.
من خلال ما سبق، يتضح أن المستلزمات الأساسية للبحث العلمي شبه منعدمة في الوطن العربي رغم القدرات والموارد البشرية والمادية والطبيعية التي يزخر بها. ولا شيء يعبر عن هذا المفهوم أكثر من كون العالم العربي غني لكنه ليس متطوراً.
ويطرح السؤال عن ماهية القواسم المشتركة في مجال البحث والتطوير بين البلدان العربية، وما هي خاصية كل بلد على حدا، ومدى حدود وطبيعة الشراكة والتعاون فيما بينها حتى ترقى إلى مستوى نظرائها مع أوروبا (الجدول 2) ؟
المستوى الثاني : التشارك والتكامل
يفيد تقرير التنمية في البلدان العربية أن التشارك كوسيلة لتحقيق التكامل شبه منعدم بين الدول الإفريقية (5%) في حين تصل نسبة الشراكة مع الدول الأوروبية إلى 60% ، و30% مع أمريكا الشمالية و5% مع الدول الآسيوية (وخصوصا اليابان). إلا أن هناك بعض الحالات الاستثنائية على مستوى التعاون بين الأقطار العربية التي تكون فيها الشراكة بمبادرة منظمات دولية (برنامج الأمم المتحدة للتنمية، المنظمة العالمية للصحة، منظمة اليونسكو...).
فالإنتاج العلمي في الوطن العربي جد متواضع، وعلى الرغم من هذا التواضع يلاحظ تباين بين البلدان العربية فيما يخص توزيع الإنتاج العلمي وذلك حسب القطاعات الحيوية من زراعة وصحة وعلوم دقيقة (الجدول 6).
الجدول 6 : توزيع الإنتاج العلمي حسب القطاعات الحيوية في بعض الدول الإفريقية
العلوم الفلاحية | العلوم الطبية | العلوم الدقيقة | |
جمهورية جنوب إفريقيا | 8 | 36 | 56 |
مصر | 11 | 19 | 70 |
إفريقيا شمال الصحراء | 9 | 29 | 62 |
المغرب | 12 | 38 | 50 |
الجزائر | 3 | 10 | 87 |
تونس | 8 | 62 | 30 |
العالم | 8 | 46 | 46 |
المصدر : السياق التنظيمي لاكتساب المعرفة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والصندوق العربي الإنمائي الاقتصادي والاجتماعي، تقرير التنمية الإنسانية العربية، 2003، الفصل الخامس.
فمن المفيد جداً أن تستفيد الأقطار العربية من مواطن القوة المتوفرة لدى كل بلد في قطاع معين، فعلى سبيل المثال تحتل الزراعة الأولوية في توجهات البحث العلمي في المغرب في حين تعود هذه الأولوية لقطاع الصحة في تونس بينما تحظى مصر بالتميز في مجال العلوم الدقيقة .
أمام رهان التشارك المطروح على البلدان العربية في مجال البحث العلمي والتطوير التقني الذي أصبح مفروضاً من خلال تميز كل دولة على حدا في مجال من المجالات كما أوضحنا ذلك في الجدول 5، يضاف رهان آخر يتجلى في تفعيل حركة الباحثين داخل جغرافية الوطن العربي في إطار التعاقد والتشارك بما يفضي إلى التكامل المنشود. وقد تفرز لنا هذه الرؤية مفاتيح لحل إشكالية هجرة الأدمغة والخبرات إلى الدول الغربية والتي تستنزف الجسد العربي وتكلفه أعباء مادية ومعنوية كبيرة.
المستوى الثالث: ظاهرة التهجير
تعدُّ هجرة الكفاءات والخبرات بالنسبة للبلدان العربية جرحاً نازفاً يثخن الجسد العربي،وتقف حاجزاً كبيراً في طريق التنمية العربية من خلال استنزاف العنصر الأثمن ،والثروة الأغلى من بين العوامل الضرورية للنهوض بتنمية حقيقية متينة الأسس، قابلةللتطور والاستمرار.
وتشير الإحصاءات المأخوذة من الدراسات التي قامت بها جامعة الدول العربية ومنظمةالعمل العربية ومنظمة اليونسكو وبعض المنظمات الدولية والإقليمية المهتمة بهذهالظاهرة إلى الحقائق التالية :
=623; يساهم الوطن العربي في ثلث هجرة الكفاءات منالبلدان النامية .
=623; إن 50% من الأطباء و23% من المهندسين و15% من العلماء منمجموع الكفاءات العربية المتخرجة يهاجرون متوجهين إلى أوروبا والولايات المتحدة،وكندا بوجه خاص.
=623; إن 54% من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودونإلى بلدانهم.
=623; يشكل الأطباء العرب العاملون في بريطانيا حوالي 34% من مجموعالأطباء العاملين فيها.
=623; إن ثلاث دول غربية غنية هي الولايات المتحدة وكنداوبريطانيا تصطاد 75% من المهاجرين العرب.
=623; بلغت الخسائر التي منيت بهاالبلدان العربية من جراء هجرة الأدمغة العربية 11 مليار دولار في عقد السبعينيات.
ومنالأسباب الجاذبة لهجرة الأدمغة، الريادة العلمية والتكنولوجية للبلدانالجاذبة ومناخ الاستقرار والتقدم الذي تتمتع به هذه البلدان، إضافة إلى إتاحة الفرص لأصحاب الخبرات في مجال البحث العلمي والتجاربللمزيد من العطاء والجودة في الإنتاج من جهة، وتفتح أمامهم آفاقاً جديدة أوسع وأكثرمردودية، من جهة أخرى.
من الواضح أيضاً أن هجرة الأدمغة تؤدي إلى توسيع الهوة بينالدول الغنية والدول الفقيرة. لأن هجرة أصحاب الكفاءات إلى الدول المتقدمة تعطي هذهالدول فوائد كبيرة ذات مردود اقتصادي مباشر بينما تشكل بالمقابل خسارة صافيةللبلدان التي نزح منها أولئك العلماء، خاصة لأن التكنولوجيات والاختراعات المتطورةالتي أبدعها أو أسهم في إبداعها أولئك العلماء المهاجرون تعتبر ملكاً خالصاً للدولالجاذبة.
وتعتبر منظمة اليونسكو أن هجرة العقول هي نوع شاذ من التبادل العلمي الذي يتسم بالتدفق في اتجاه واحد ( ناحية الدول المتقدمة ) أو ما يعرف بالنقلالعكسي للتكنولوجيا، لأن هجرة العقول هي فعلاً نقل مباشر لأحد أهم عناصر الإنتاجوهو الإنسان.
فمما لا شك فيه أنّ الوضع السياسي العربي الذي يتميز بعدم الاستقرار واحتدام الصراع والتنافس على المناصب، النابع من الافتقار لقاعدة ثابتة ومقبولة للتداول السلمي على السلطة بين النخب المتنازعة، أي للديمقراطية، يشكل أحد العوائق الكبرى أمام نمو المعرفة وتوطنها النهائي وترسخها في التربة العربية.
ولعل من أهم النتائج السلبية لهذه الوضعية، وأكثرها مساسا بعملية التنمية المعرفية ، ما هو معروف من تدخل مباشر لأجهزة الأمن والأجهزة السياسية الحاكمة في التعيينات بالمناصب المعرفية العلمية أو الفكرية أو الأدبية، لاستبعاد الشخص غير الموالي للنظام أو لوضع الشخص الموالي وتنفيعه. مما يعني التضحية، في سبيل ضمان السيطرة السياسية على مؤسسات المعرفة، بكل معايير الكفاءة والتكوين.
وإذا كان السبب الأول في ضعف الإنتاج والبحث العلمي والتقني في العالم العربي هو نقص الاستثمارات المادية والبشرية، فإنّ السبب الذي يفسر الضعف الشديد في عوائد مؤسسات التعليم والبحث العلمي العربي القائمة هو سيطرة الاستراتيجيات السياسية على هذه المؤسسات وحرمانها من الأطر الصالحة الكفء والمناسبة من جهة، ومن الاستقلالية التي لا غنى عنها لأي رجل علم وبحث ومعرفة ولأي تجديد وإبداع معرفي من جهة ثانية . فمن دون ذلك تتحول المؤسسات المعرفية إلى أجهزة وأدوات إضافية لتعزيز سيطرة النخب الحاكمة وتوسيع قاعدتها الاجتماعية التي تستند إليها ولا يبقى لها أية علاقة بميدان المعرفة، سواء أكان تعليما أم بحثا أم تجديدا تقنيا.
ومن هنا يشكل إخضاع مؤسسات البحث العلمي للاستراتيجيات السياسية وللصراع على السلطة وتقديم مقاييس الولاء في إدارة هذه المؤسسات على مقاييس الكفاءة والمعرفة، وتقييد الحريات الفكرية والسياسية للباحثين، وفي وسط الرأي العام معا، وما يقود إليه من تكبيل للعقول الحية وإخماد لجذوة المعرفة وقتل لحوافز الإبداع، يشكل كل ذلك السبب الرئيسي لتأخر المنظومة العلمية التقنية وضعفها الإداري والمعرفي وعجزها عن الإنتاج والإبداع.
ولعل من أهم النتائج السلبية لهذه الوضعية، وأكثرها مساسا بعملية التنمية المعرفية ، ما هو معروف من تدخل مباشر لأجهزة الأمن والأجهزة السياسية الحاكمة في التعيينات بالمناصب المعرفية العلمية أو الفكرية أو الأدبية، لاستبعاد الشخص غير الموالي للنظام أو لوضع الشخص الموالي وتنفيعه. مما يعني التضحية، في سبيل ضمان السيطرة السياسية على مؤسسات المعرفة، بكل معايير الكفاءة والتكوين.
وإذا كان السبب الأول في ضعف الإنتاج والبحث العلمي والتقني في العالم العربي هو نقص الاستثمارات المادية والبشرية، فإنّ السبب الذي يفسر الضعف الشديد في عوائد مؤسسات التعليم والبحث العلمي العربي القائمة هو سيطرة الاستراتيجيات السياسية على هذه المؤسسات وحرمانها من الأطر الصالحة الكفء والمناسبة من جهة، ومن الاستقلالية التي لا غنى عنها لأي رجل علم وبحث ومعرفة ولأي تجديد وإبداع معرفي من جهة ثانية . فمن دون ذلك تتحول المؤسسات المعرفية إلى أجهزة وأدوات إضافية لتعزيز سيطرة النخب الحاكمة وتوسيع قاعدتها الاجتماعية التي تستند إليها ولا يبقى لها أية علاقة بميدان المعرفة، سواء أكان تعليما أم بحثا أم تجديدا تقنيا.
ومن هنا يشكل إخضاع مؤسسات البحث العلمي للاستراتيجيات السياسية وللصراع على السلطة وتقديم مقاييس الولاء في إدارة هذه المؤسسات على مقاييس الكفاءة والمعرفة، وتقييد الحريات الفكرية والسياسية للباحثين، وفي وسط الرأي العام معا، وما يقود إليه من تكبيل للعقول الحية وإخماد لجذوة المعرفة وقتل لحوافز الإبداع، يشكل كل ذلك السبب الرئيسي لتأخر المنظومة العلمية التقنية وضعفها الإداري والمعرفي وعجزها عن الإنتاج والإبداع.
------- مشاركة عبدالعظيم المسلم
أشكر الدعوة الكريمة من الدكتورعصام عبيد ولو أنه أفاض ولم يترك لي سوى خواطر بإذن الله أكتبها لاحقا لضيق الوقت وللقراءة حول الموضوع أولا فمشاركة رجل بحث علمي في مقالة شرف عظيم لي
المراجِع
- وزارة التعليم العالي والبحث العلمي البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي دراســــة مــقدمة مــــن : الأستاذ الدكتور نبيل شواقفة،الأستاذ الدكتور سامي عبد الحافظ ، الأستاذ الدكتور احمد ابو شملة ،الدكتور طلال الزعبي ،السيد شادي مساعدة
- اعتمدت هذه الدراسة على بحث منشور بعنوان "مقاربة تحليلية لبعض مؤشرات نمو البحث العلمي والتقني" لكل من : عبدالكبير بلاوشو ، الحسين زايد جامعة محمد الخامس ، كلية العلوم
- علاء محمود التميمي. التنمية والبحث العلمي في الوطن العربي . المنتدى الثقافي- أبو ظبي 2002 دائرة التخطيط - أمارة أبو ظبي الإمارات العربية المتحدة.
- إنتاج المعرفة في البلدان العربية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والصندوق العربي الإنمائي الاقتصادي والاجتماعي، تقرير التنمية الإنسانية العربية، 2003 ، الفصل الثالث
0 komentar:
إرسال تعليق