Photobucket

وعية الأهل والمعلّمين تجنّب الأطفال المصابين بعسر القراءة الكثير من المعاناةالدسلكسيا

السبت، ١٣ جمادى الآخرة ١٤٣٠ هـ


توعية الأهل والمعلّمين تجنّب الأطفال المصابين بعسر القراءة الكثير من المعاناةالدسلكسيا: مرض الموهوبين

استُخدم مصطلح "صعوبات التعلّم" للمرة الأولى في العام 1963 عندما أشار العالم الأميركي صاموئيل كيرك أن هناك فئة من الأطفال يصعب عليهم اكتساب مهارات اللغة والعلم بأساليب التدريس العادية، على الرغم من كون هؤلاء الأطفال لا يعانون تخلّفاً عقلياً أو أي إعاقات بصرية أو سمعية تحول بينهم وبين اكتساب اللغة والتعلّم. كما عرّفت اللجنة الوطنية المشتركة لصعوبات التعلّم في العام 1977 صعوبات التعلّم في أنها ضعف القدرة على الاستماع أو التحدّث أو القراءة أو الهجئة أو حلّ المسائل الرياضية. وتتمثّل هذه الصعوبات في خلل متعلّق باستخدام اللغة والأرقام لا ينجم عن إعاقات بصرية أو سمعية أو حركية أو اضطرابات انفعالية أو ظروف بيتية. وهناك ثمانية أنواع من صعوبات التعلّم: خلل في التناسق (دسبراكسيا) ، وعسر الحساب (دسكالكوليا)، وعسر الكتابة (دسجرافيا)، وعسر الكلام (دسفازيا)، وعسر القراءة (دسلكسيا)، وصعوبة التركيز، ومشكلة العتمة، بالإضافة إلى الحركة الزائدة وقلة التركيز.
وقد أدّى اكتشاف صعوبات التعلّم إلى حدوث نقلة نوعية في النظم التعليمية في العالم. فقبل ابتكار هذا المصطلح الحديث نسبياً والتمييز بين فئاته المختلفة، كان الأطفال الذين يعانون صعوبات في التعلّم يُعتبرون متخلّفين أو متأخّرين، مع أن مستوى ذكائهم في بعض الأحيان، يفوق مستوى ذكاء أقرانهم.
الدسلكسيا
ومن أكثر صعوبات التعلّم شيوعاً عسر القراءة أو الدسلكسيا وهي كلمة يونانية الأصل يُقصد بها صعوبة في فهم أو استخدام جانب أو أكثر من اللغة والتي تشمل السمع أو الكلام أو القراءة أو الكتابة أو التهجئة، لا ترجع لقصور في الذكاء أو لإعاقة حسية. تصيب الدسلكسيا حوالى 10% من الأطفال، وهي تصيب الصبيان أكثر من البنات بمعدل 3:1. ويُعتقد بأن عدم التوازن في النسبة بين الذكور والإناث يعود إلى مركز اللغة في الدماغ والذي يتميّز بأنه أكثر نضجاً عند البنات دون الصبيان حتى سن البلوغ وسنوات المراهقة الأولى. ويكثر انتشار الدسلكسيا بين أقارب الدرجة الأولى مقارنة بين انتشاره بين عامة الناس. ويتمتّع الأطفال المصابون بالدلسكسيا بمستوى من الذكاء يتراوح بين المتوسط إلى ما فوق المتوسط، لكنهم يواجهون، على الرغم من ذلك، صعوبات بارزة في مجال أو أكثر من المجالات التعليمية والتربوية. وتتمثّل إحدى القواسم المشتركة بين المصابين بعسر القراءة في تفاوت تحصيلهم مع زملائهم في واحدة أو أكثر من الخبرات التعليمية، حيث يظهر بوضوع التباعد بين مستوى تحصيل الطفل وبين قدراته العقلية. ولكي يستطيع الطفل القراءة، عليه أن يتحكّم في الوقت نفسه، بالعمليات العقلية التالية:
1- تركيز الانتباه على الحروف المطبوعة والتحكّم في حركة العينين خلال سطور الصفحة.
2- التعرّف على الأصوات المرتبطة بتلك الحروف
3- فهم معاني الكلمات وإعرابها في الجملة
4- بناء أفكار جديدة مع الأفكار التي يعرفها من قبل
5- اختزان تلك الأفكار في الذاكرة
وتحتاج تلك العمليات العقلية إلى شبكة سليمة وقوية من الخلايا العصبية لتربط مراكز البصر واللغة والذاكرة بالمخ. والطفل الذي يعاني صعوبة في القراءة يكون لديه اختلال في واحد أو أكثر من تلك العمليات العقلية التي يقوم بها المخ للقراءة بطريقة صحيحة.
أسبابها
تنوّعت النظريات حول أسباب الدسلكسيا، إذ وجد بعض العلماء أن هذه الحالة ناجمة عن خلل في المخيخ، في حين رأى آخرون أنها نتيجة لعدم الفعالية في الربط بين القسم الأيمن والقسم الأيسر للدماغ. لكن حتى الآن، لم يتمّ الإجماع حول السبب الفعلي لعسر القراءة. وتتزايد الأدلة على أن العامل الوراثي يلعب دوراً في الدسلكسيا، ذلك أن 88% من الأطفال الذين يترددون على مراكز الدسلكسيا لهم إخوة أو أقارب من الدرجة الأولى مصابين بهذا النوع من صعوبات التعلم.
عوارضها
تتعدّد العوارض التي قد تنبّه الأهل والمدرّسين إلى احتمال إصابة الطفل بالدسلكسيا، ومعرفتها مهمّة لأن التشخيص المبكّر لهذه الحالة وبالتالي الاستخدام المبكر لوسائل المساعدة التي ابتكرها العلماء يسهّل على الأولاد التأقلم مع المراحل الدراسية المتقدمة، واجتيازها بنجاح. والمظاهر التي قد تكون مؤشراً على إصابة الطفل بالدسلكسيا هي التالية:
1- تناقضات بين مقدرة الطالب وإنجازاته الواقعية
2- صعوبة في التمييز بين اليمين واليسار وفي تحديد الاتجاهات
3- صعوبة في القيام بالأمور بالترتيب، كالعدّ أو تسميع الأحرف الأبجدية أو أيام الأسبوع أو أشهر السنة
4- صعوبة في التتابع البصري حيث يترك حرفاً أو كلمات أو سطراً أثناء القراءة، أو يقرأ السطر نفسه مرّتين
5- صعوبة في القراءة الجهرية لأنه إما يكون خجولاً أو ضعيف الثقة بالنفس
6- كتابة الأحرف أو الكلمات أو الأرقام بشكل معكوس كأن يكتب "ديز" بدلاً من "زيد"، أو "43" بدلاً من "34"
7- الخلط بين أصوات الحروف المتشابهة مثل: ح و خ، ع و غ
8- صعوبة في التهجئة (الإملاء) كأن يكتب "قطب" بدل "كتب"، أو "حذر" بدل "حضر"
9- صعوبة في الحساب وذلك بسبب ضعف التسلسل لديه والضعف في الذاكرة قصيرة المدى فضلاً عن الخلط بين اليمين واليسار، ذلك أن العمليات الحسابية كالضرب أو الجمع تصبح كابوساً إذا ظهرت الأرقام بشكل عشوائي
10- صعوبة في التنظيم والنشاط الروتيني حيث إذا وُضع له جدول أعمال كأداء واجبات دراسية، تنظيم الغرفة، الاتصال بصديقه، مشاهدة التلفاز، لا يستطيع تأدية هذه الأشياء حسب الجدول الزمني المحدد له
11- صعوبة في استعمال الحروف كمكوّنات للكلمات. وبالتالي، قد يستطيع الطفل قراءة الكلمات التي مرّت عليه في السابق، لكن يعجز عن قراءة حتى أبسط الكلمات الجديدة. وإذا كان التعليم المبكر للأطفال يعتمد على النظر إلى الكلمات ولفظها فإن الطفل المصاب بالدسلكسيا قد يستطيع قراءة الكثير من الكلمات ولكنه في هذه الحالة يتعرّف عليها من شكلها الكلّي
12- صعوبة في معرفة الوقت، لأنه لا يستطيع معرفة ما إذا كانت عقارب الساعة تشير إلى الساعة بالضبط أم بعدها
13- صعوبة في ربط شريط الحذاء أو ربطة العنق أو أي عمل يدوي يتطلّب معرفة اليمين واليسار
14- صعوبة في أخذ علامات الوقف بعين الاعتبار خلال القراءة، وبالتالي فهو يقرأ قراءة متواصلة أو متقطّعة
15- صعوبة في المقدرة الفراغية على التعامل مع الأشكال والمجسمات. على سبيل المثال، لو أعطينا التلميذ خطّان يحملان عدداً متساوياً من النقاط ولكن أحد الخطين أطول من الآخر، أي أن النقاط فيه متباعدة، لوجدنا أن التلميذ المصاب بالدسلكسيا يعتقد أن هناك نقاطاً أكثر في الخط الأول
16- نزعة إلى كثرة الحركة خاصة في أوقات الدرس
وتجدر الإشارة إلى أن وجود هذه العوارض، أو أحدها، لدى الطفل لا يعني بالضرورة إصابته بالدسلكسيا، وبالتالي، فإن الأشخاص المتخصصون هم الوحيدون القادرون على تشخيص حالة الطفل. لكن دور الأهل والمدرّسين أساسي جداً، فهم الأكثر تواصلاً مع الطفل، وبالتالي، الأكثر قدرة على ملاحظة سلوكه وتصرّفاته، ومن ثم الاتصال بالجهة المعنية.
كيفية تعامل المعلّم مع التلاميذ المصابين بالدسلكسيا
يحتاج الطفل المصاب بالدسلكسيا إلى الكثير من المتطلّبات من قِبل المعلّم الذي يجب أن يتسلّح بالوعي والمرح والذكاء والمرونة والصبر، ليتعامل مع الأطفال الذين يعانون عسر القراءة، بما يتماشى مع رسالته التعليمية السامية. لكن بعض المعلّمين يفتقرون إلى المعلومات الكافية حول عسر القراءة وصعوبات التعلم بشكل عام، وبالتالي، فإن عدم تحقيقهم النتائج المرجوة مع الطالب يصيبهم بالإحباط، وقد يلقون باللوم على أنفسهم بسبب عدم استجابة الطالب، أو قد يفترضون أن التلميذ غبي، مما يؤثر سلباً على العلاقة بين التلميذ والمعلم. وهذه العلاقة التي يجب أن تكون مبنية على المعرفة هي الأساس في نجاح العملية التعليمية. من هنا، تقع على وزارات التربية مسؤولية إطلاع الأساتذة على أنواع صعوبات التعلم، وتدريبهم على التعاطي مع التلاميذ المصابين بها. وبشكل عام، يجدر بالمعلّم أن يتقبّل الطفل الذي يعاني من إحدى صعوبات التعلّم كما هو، فلا يتوقّع منه المستحيل، ولا يصدر عليه أحكاماً مسبقة في البداية. وإذا شعر التلميذ باهتمام المعلم وتقديره له كإنسان له خصوصيته، يصبح أكثر راحة، وبالتالي، أكثر حرية في طرح الأسئلة دون خوف من أن يكون مدعاة للسخرية، إذ لا يجب أن ننسى في هذا الإطار أن الأطفال الذين يعانون صعوبات في التعلّم غالباً ما يلازمهم شعور بالخجل والإحساس بالإهانة بسبب فشلهم المستمر، يصبح أكثر حدة بمرور الوقت. كما ينبغي على المعلم ألا ينخدع بهزّ التلميذ لرأسه بينما هو يشرح الدرس، فليس هذا بالضرورة علامة فهم، بل ربما ينمّ عن الملل أو الخوف من أن يطرح عليه المعلم سؤالاً. والمعلّم المتفهّم لطبيعة التلاميذ المصابين بعسر القراءة يميّز بين ما يقدّمه التلميذ شفهياً وبين ما يقدّمه كتابياً، ويسمح له بالمشاركة بالأمور الشفهية قدر الإمكان لتعزيز ثقته بذاته، كما يعطيه وقتاً أكثر من باقي التلاميذ لإنجاز المهمات الكتابية. بالإضافة إلى ذلك، يُستحسن أن يتحلّى المعلم بالمرونة في إعطاء التلميذ الدرجة أو العلامة، وألا يملأ ورقة التلميذ المصاب بالدسلكسيا بالخطوط الحمراء أثناء التصحيح، حتى لا يحطّ من معنوياته. ولعلّ الناحية الأكثر أهمية التي يجب على المعلم أن يحرص عليها هي عدم توجيه الكلمات القاسية للتلميذ مثل غبي وكسول ومتخلّف، أو التأفف من استجابة التلميذ الخاطئة، إذ يؤثر هذا الموقف على نظرة التلميذ لنفسه وثقته بذاته، وقد يترك في نفسيته أثراً يلازمه طيلة حياته.
الوسائل التعليمية المستخدمة لتدريس المصابين بالدسلكسيا
تتنوّع الوسائل التعليمية المستخدمة لتدريس التلاميذ المصابين بعسر القراءة، وذلك بحسب درجة الإصابة لدى التلميذ والفروقات الفردية بين التلاميذ، لتراعي استراتيجيات التعلّم المختلفة لديهم حتى لا يصابوا بالملل وتشتّت الذهن والإحباط والتوتر. فهذه المشاعر السلبية تعيق عملية التعلّم لدى التلميذ وبالتالي قد تؤدي إلى الفشل.
ومن البرامج التي أثبتت فعاليتها في جعل المصابين بالدسلكسيا يشعرون بالأصوات عند نطقها برنامج "تسلسل الأصوات"، حيث يتمّ إعطاء الأصوات الساكنة أسماء تتفق مع الحركات التي تجري حين النطق بها. وهذا ما يعطي التلميذ شكلاً آخر من الإحساس للتعرف إلى أصوات الحروف، الأمر الذي يمكّنه من تفكيك الكلمة. فالتلميذ الذي يعجز عن تمييز الأصوات البسيطة التي تتألف منها الكلمة يستطيع الإحساس بفمه وهو يقوم بحركات مميزة ومنفصلة. بعد أن يتعلم التلميذ الحروف التي تناسب الأصوات، يصبح بإمكانه التعرّف على الكلمات. وتجدر الإشارة إلى مسؤولية الأهل والمعلمين في توظيف القصص المشوقة لاكتساب المزيد من الطلاقة وعدد الكلمات والاستيعاب لدى التلميذ.
أما الطريقة الصوتية اللغوية المنهجية، والتي تُعتبر من الوسائل الناجحة لمساعدة المصابين بعسر القراءة، فتقوم على مهارات الكتابة والتهجئة والخط، ولكن يجب أولاً تدريس التلاميذ أسماء الأحرف حتى يتعلّموا الصوت الذي يمثّله كل حرف. وتقوم الطريقة على الخطوات التالية:
1- يقوم المعلم بتقديم الحرف (س على سبيل المثال) مكتوباً على البطاقة والصورة على ظهرها (سمكة)،والمطلوب من التلميذ نطق اسم الحرف. نطق: (س)
2- ينطق المعلم الكلمة الخاصة بالصورة ثم ينطق صوت الحرف. نطق: (سمك، سين)
3- يكرر التلميذ الكلمة الخاصة بالصورة والصوت. نطق: (سمك، سين)
4- ينطق المعلم صوت الحرف ثم اسمه. نطق: (سين، س)
5- يكرر التلميذ الصوت واسم الحرف وهو يكتبه مترجماً الصوت الذي سمعه لتوّه إلى حروف مكتوبة. نطق: (سين، س) - كتابة: (س، ي، ن)
6- يقرأ التلميذ ما كتبه لتوّه لينطق بالصوت، أي أنه يترجم الحروف التي كتبها إلى الأصوات التي تُسمع. نطق: (سين)
7- يكتب التلميذ الحرف مغمض العينين ليتوفّر لديه إحساس بالحرف، فعند حجب إحدى الحواس كالنظر تصبح الحواس الأخرى مثل اللمس أكثر حدة
أما بالنسبة إلى الأطفال الذين يعانون صعوبات شديدة في التهجئة، فيمكن استخدام طريقة تقوم على رسم الأحرف في الهواء ليترسّخ شكلها في أذهانهم. ويمكن اعتماد الخطوات التالية:
1- يكتب المعلم كلمة غير معروفة على اللوح أو على ورقة وينطقها
2- ينطق التلميذ الكلمة
3- يتتبّع التلميذ أحرف الكلمة ويرسمها في الهواء بينما هو ينظر إليها ويسمّى كل حرف من حروفها، مما يسمح له بتصوّر الكلمة بشكل أكثر دقة
4- يمسح المعلم الكلمة أو يغطّيها ويطلب من التلميذ أن يرسمها في الهواء ويقرأها في الوقت نفسه
5- يكرّر الطفل رسم الكلمة في الهواء وقراءتها إلى أن يشعر بأنه قادر على تذكّرها بشكل صحيح
6- يكتب الطفل الكلمة من الذاكرة وينطقها
وفضلاً عن الطرق التعليمية الأكاديمية، يمكن مساعدة المصابين بالدسلكسيا عبر وسائل ترفيهية مثل ألعاب الكومبيوتر. وقد الباحثون في جامعة هلسنكي بابتكار أولى هذه الألعاب في العام 2001. وتقوم هذه اللعبة على المواءمة بين الأشكال والأصوات، وقد أثبتت نجاحها في مساعدة الأطفال المصابين بالدسلكسيا على القراءة عبر تنشيطها جزءاً من الدماغ.
دور الأهل
لا ينحصر تأثير صعوبات التعلّم، ومنها الدسلكسيا، على التحصيل الدراسي، بل إنها تؤثر على مجالات الحياة المختلفة وتلازم الإنسان مدى الحياة، متدخّلة في قدرته على تكوين صداقات وحياة اجتماعية ناجحة. وبالتالي، يجب أن يكون البرنامج المتّبع لمساعدة الطفل الذي يعاني عسر القراءة، شاملاً لكل نواحي التعلّم، الأمر الذي يلقي على الأهل، إلى جانب المعلّمين والأخصائيين، مسؤولية هامة في مساعدة أولادهم. بداية، يجب أن يدرك الأهل أن الصراع الدائم مع الطفل حتى يستطيع القراءة والكتابة وتأدية الواجبات المدرسية قد يشعر الطرفين بالغضب والإحباط والعدائية تجاه بعضهما البعض. بدلاً من ذلك، يستطيع الأهل المساهمة إيجابياً مع الطفل، عبر حرصهم على تنمية البرامج الدراسية المناسبة له، وكذلك عبر مشاركة المدرّسين والأخصائيين في وضع تلك البرامج التي تتماشى مع قدراته التعليمية. كما يجدر بالأهل أن يتعرّفوا على نقاط الضعف والقوة لدى الطفل، ويتقبّلوا أن هناك أموراً سيواجه الطفل فيها صعوبة مدى الحياة. وفي هذا الإطار، ينبغي عليهم أن يوضحوا له أن عجزه عن القيام ببعض الأمور مثل أقرانه لا يعني أنه فاشل، وأن لكل إنسان نقاط ضعفه التي تختلف بين شخص وآخر. ومن هنا تنبع أهمية عدم مقارنة الطفل بإخوانه أو أصدقائه، خاصة أمامهم، منعاً لإحراجه وزعزعة ثقته بنفسه. وبالنسبة لمشكلة الدسلكسيا بالتحديد، يستطيع الأهل اتباع بعض الأساليب والإرشادات التي تساهم، على الرغم من بساطتها، في تنمية قدرات الطفل. يمكنهم على سبيل المثال أن يشجّعوا الطفل على سرد الأحداث التي حصلت معه خلال اليوم، مما ينشّط ذاكرته ويعلّمه تنظيم أفكاره. وفي الإطار نفسه، يمكنهم استخدام التلفزيون بشكل مفيد، كأن يسألوا الطفل عمّا رآه خلال فترة المشاهدة "ماذا حدث أولاً؟ وماذا حدث بعد ذلك؟ وكيف انتهت القصة؟"، إذ من شأن هذه الأسئلة أن تعلّمه تسلسل الأفكار. كما يمكن للأهل أن يحضّوا الطفل على مشاهدة البرامج التي تزيد من مفرداته اللغوية، وأن يلفتوا نظره، من خلال ما يشاهده، إلى أي الأجزاء مع بعضها تكوّن الكلّ وأن العالم يتكوّن من مجموعة من الأشياء المتداخلة. فضلاً عن ذلك، على الأهل أن يحرصوا على الكلام مع الطفل بصوت واضح ومرتفع كفاية، وعلى استخدام مصطلحات الاتجاهات بشكل دائم في الحديث مع الطفل مثل: "فوق، تحت، يمين، يسار، داخل". وتبقى النقطة الأهم هي تشجيع الطفل على تطوير مواهبه الخاصة. فعلى الرغم من المصاعب التي يواجهها المصابون بالدسلكسيا في حياتهم الأكاديمية والعملية، إلا أن معظمهم يتمتّع بمستوى عالٍ من الذكاء ويظهر مواهب مميزة. والتاريخ حافل بالمشاهير والعلماء الذين كانوا يعانون عسر القراءة أو الدسلكسيا، ومنهم: أديسون (مخترع المصباح الكهربائي)، اينشتاين (صاحب النظرية النسبية)، دافنشي (فنان ومهندس معماري وعالم إيطالي)، بيل (مخترع الهاتف)، ولت ديزني (مخترع ألعاب ديزني)، تشرشل (رئيس وزراء بريطانيا)، ويلسون (رئيس أميركي)، أندرسون (مؤلف دنمركي)، كوشنج (جراح دماغ أميركي وكاتب)، بيكاسو (فنان إسباني)، توم كروز (ممثل أميركي)، هذا فضلاً عن العديد من رجال الأعمال والمفكّرين في مجتمعاتنا العربية. وبما أن الأهل هم الأكثر تماساً مع الطفل، فهم الأقدر على معرفة الأشياء التي يستمتع الطفل بالقيام بها ويبرع فيها، وبالتالي، هم الأقدر على تنمية مواهب أطفالهم. ومن المفيد أيضاً أن يسرد الأهل على مسامع طفلهم المصاب بالدسلكسيا سير حياة المشاهير المصابين بالمشكلة نفسها، ويعرّفوهم على الإنجازات التي قدّموها للبشرية، رغم ما اعترضهم من تحدّيات. ففي داخل كل طفل، بذور إبداع كامن، لن يتسنّى لها أن تنمو وتثمر، إلا في وجود الرعاية والاهتمام الكافي الذي يعزّز ثقة الطفل بنفسه، ويحفّزه على التنقيب عمّا في داخله من ملَكات مخبّأة.

Read More.. Read more...

الأمية في الوطن العربي: مشكلة لها حل

الأمية في الوطن العربي: مشكلة لها حل


مدخل:
عندما دعتني المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة الموقرة للمشاركة في هذا الملتقى العربي الرصين للتربية والتعليم، شُغلت أول ما شُغلت باختيار عنوان هذه الورقة إلا أنني استحسنت تأجيل ذلك الى حين الانتهاء من إعدادها في إطار العنوان المحدد للندوة (الأمية في الوطن العربي: الواقع والحلول) ـ وحالما فرغت من إعداد الورقة، أدركت يقيناً أن الأمية في الوطن العربي مشكلة لها حل، وليس ذلك من قبيل التفاؤل أو التمني، ولكن لأسباب موضوعية تكشفها الورقة إلا أن تحقيق هذا الهدف يتطلب جهوداً جادة، تتمثل في الإرادة والتصميم، والدقة في التخطيط، والمثابرة على التنفيذ، وأحسب أن الوطن العربي وعلى الأخص في سعيه لمعايشة عصر المعرفة ليس لديه خيار آخر.
ولعل من المفيد الإشارة الى أن واقع الأمية في الوطن العربي ـ كما توضحه البيانات المعروضة لاحقاً ـ يوضح مدى فداحة المشكلة، ولذلك فإن من المنطقي أن تكون الحلول التي ينبغي أن تُواجَه بها المشكلة، حلولاً غير تقليدية، ذلك أن غالبية أقطار الوطن العربي إن لم تكن جميعها قد بذلت جهوداً كثيرة ومتنوعة للقضاء على آفة الأمية، إلا أن هذه الجهود كانت بوجه عام جهوداً نمطية، ولذلك فإن أقطاراً عربية كثيرة ما زالت تعاني من الأمية بنسب مختلفة، هي في مجملها غير مُرضية.
ولا أدعي ان الورقة تقدم برنامجاً تنفيذياً للقضاء على الأمية في الوطن العربي ـ فليس ذلك ممكناً في دراسة نظرية ـ ولكنها تثير مجموعة من الأفكار التي يمكن ـ في رأيي ـ أن تُترجَم إجرائياً في ضوء واقع الأمية، وكذا في ضوء ظروف كل قطر على حدة.
وفي هذا الصدد، ولثقتي في إطلاعكم على تجارب كثيرة في الوطن العربي وخارجه فلن أشغلكم باستعراض الجهود التي بذلتها اقطار الوطن العربي في سبيل محو الأمية سواء في إطار الاستراتيجية العربية لمحو الأمية أو خارج هذا الإطار، وسواء تحت مظلة الجهاز العربي لمحو الأمية سابقاً أو المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بوجه عام أو بدون هذه المظلة، حيث أرى أن نتجه مباشرة الى تحديد أبعاد المشكلة، ونفكر سوياً في التوصل الى حلول للتغلب عليها.

الأمية في الوطن العربي: خطورتها وأبعادها ومعوقات محوها

في الفترة من 10 ـ 12 ديسمبر 2003 ومنذ أكثر قليلاً من شهرين، نظمت الأمم المتحدة (القمة العالمية لمجتمع المعلومات) في جنيف، وقد جاء في أول بند من مشروع إعلان المبادىء الخاص بالمؤتمر (نحن ممثلي شعوب العالم، نعلن رغبتنا المشتركة والتزامنا المشترك في بناء مجتمع معلومات، غايته الناس كافة، ويتجه نحو التنمية، يستطيع كل فرد فيه استحداث المعلومات والمعارف والنفاذ اليها واستخدامها وتقاسمها، بحيث يُمكّن الأفراد والمجتمعات والشعوب من تسخير كامل إمكانياتها في النهوض بتنميتهم المستديمة، وفي تحسين مستوى معيشتهم، وذلك انطلاقاً من المبادىء المتجسدة في ميثاق الأمم المتحدة........).
وقبل ذلك بقليل، وفي نفس السياق، صدر التقرير الثاني للتنمية الإنسانية في الدول العربية، وكان محوره موضوع بناء المعرفة، لما للمعرفة من علاقة عضوية ودور محوري بالنسبة للتنمية الإنسانية.
وعلى الرغم من أن عوامل عديدة تحدد مدى قدرة أي مجتمع على بناء مجتمع المعرفة، الا أن مدى انتشار التعليم ومدى جودته النوعية يحتلان الأولوية في هذا المجال، ليس فقط من خلال تأثيرهما المباشر في تهيئة المناخ اللازم لنشر المعرفة وإنتاجها، بل وفي تأثيرها أيضاً في مختلف العوامل الضرورية المؤثرة في بناء هذا المجتمع.
ومن هنا تأتي الأهمية القصوى للتخلص من الأمية، كشرط أولى لتمكين الوطن العربي من عدم التخلف عن المعايشة الإيجابية الفاعلة مع عالم المعرفة، كما تخلف من قبل عن اللحاق بعوالم أخرى.
وحتى يمكن مناقشة الأفكار الضرورية للتخلص من الأمية، أو على الأقل الحد منها الى أقصى ما يمكن، فلا بد أولاً أن نحدد المشكلة بأن نتعرف على واقع الأمية وأبعادها في الوطن العربي، ومنهجياً سنستخدم مدخلين للتعرف على حجم الأمية في الوطن العربي ككل، وفي كل قطر على حدة:

ـ المدخل الأول: مدخل مقارن
ويتمثل في نظرة على أوضاع الأمية في العالم العربي بالمقارنة بالأمية في العالم ككل، ولم أر ضرورة في مقارنة المنطقة العربية بغيرها من الأقاليم أو المناطق، فليس المقصود هو المفاضلة بين الأقاليم، بل الكشف عن الواقع.

ـ أما المدخل الثاني: فمدخل تحليليويتمثل في دراسة تحليلية لأوضاع الأمية في أقطار الوطن العربي، ومرة ثانية فلن أقوم بالمفاضلة بين الأقطار فليس ذلك هدفنا، بل الكشف عن نتائج التحليل ومحاولة استقراء مدلولاتها.وستعمد الورقة في هذا الخصوص على تحليل جدولين، أولهما يبين نسبة الأمية وإعداد الأمين (15 سنة فأكثر) في العالم وفي الوطن العربي، أما الثاني فيبين نسبة الأمية وإعداد الأميين وأعداد السكان في بلدان الوطن العربي، والجدولان مستخرجان من البيانات المنشورة في موقع معهد اليونسكو (Unesco)(1) للإحصاء على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، وبالرغم من أن البيانات المذكورة تتضمن إحصاءات وإسقاطات عن السنوات (1970، 1980، 1990، 1995، 2000، 2005، 2010، 2015) إلا أن الورقة ستكتفي بعرض ثلاثة أسطر فقط تعبر عن السنوات (1970، 2000، 2015) معتبرة أن في ذلك الكفاية لعرض واقع فعلي تمثله بيانات السنتين الأوليين (1970، 2000) وإسقاطات متوقعة في نهاية الخطط الوطنية للتعليم للجميع وتمثلها بيانات سنة 2015.وينبغي الإشارة الى ان البيانات الواردة في الجدولين لا تعبر بدقة عن الواقع الفعلي المؤكد سواء بالنسبة لنسبة الأمية أو أعداد الأميين أو حتى تعداد السكان، وسواء بالنسبة للبيانات أو الإسقاطات، فلدى مُعدّ الورقة إحصاءات موثقة من بعض البلدان العربية تختلف بنسب متفاوتة عن ما ورد بالجدولين ـ إلا أنه لضرورات الاستناد الى مصدر واحد، رأيت الاستهداء بها كمؤشرات، وأرى أنها تؤدي دورها في هذه الحدود.
المدخل الأول: الأمية في الوطن العربي والعالم

بقراءة الجدول رقم (1) نلحظ ما يلي:

أ ـ أن النسبة الفعلية للأمية في الوطن العربي مرتفعة جداً بالمقارنة بنسبتها في العالم ككل، كما يتضح من بيانات سنتي 1970، 2000 ـ وقد أعطى ذلك مبرراً لمُعدي البيانات ليحافظوا على هذه الفجوة في إسقاطات سنة 2015.
ب ـ أن النسبة الإجمالية للأمية في الوطن العربي في السنوات الثلاث تصل تقريباً الى ضعف النسبة الإجمالية للأمية في العالم سنة 1970 (72,2% في الوطن العربي ـ 36,6% في العالم)، سنة 2000 (39,9% ـ 20,3%)، سنة 2015 (28,3% ـ 15%).
ج ـ أن نسبة الأمية بين الإناث في الوطن العربي ما زالت مرتفعة جداً ـ بالمقارنة بنسبتها بين الذكور ـ رغم انخفاضها بشكل واضح عن سنة الأساس (1970) (85,5% سنة 1970 ـ 52,2% سنة 2000).
د ـ إن معدلات النجاح في محو الأمية في الوطن العربي خلال السنوات الثلاثين (1970 ـ 2000) تتكافأ تقريباً مع هذه المعدلات في العالم ككل، فقد انخفضت نسبة الأمية في الوطن العربي بين عامي 1970، 2000 بنسبة 43,9% بينما انخفضت في العالم بنسبة 44,5% ـ وتوضح الإسقاطات أن المتوقع أن تتباطأ مسيرة التخلص من الأمية في العالم وفي الوطن العربي خلال السنوات الخمس عشرة التالية (2000 ـ 2015)، حيث يتوقع أن تنخفض بنسبة 29% في الوطن العربي بينما تنخفض بنسبة 26% في العالم، وذلك على الرغم من أن الأوضاع الحالية تحتاج الى سرعة التحسن، ويصطدم هذا مع الهدف الذي حدده مؤتمر دكار والذي يتطلب انخفاضاً في نسبة الأمية يصل الى 50% في نفس الفترة 2000 ـ 2015.
هـ ـ أنه على الرغم من انخفاض نسبة الأمية في الوطن العربي إلا أن عدد الأميين يتزايد، حيث يسجل في السنوات المستهدفة (48 ـ 67 ـ 71) مليوناً، وذلك بسبب التزايد السكاني غير المنضبط (وهو مشكلة تؤثر وتتأثر بمشكلة الأمية) وتتزايد حدة المشكلة بين الإناث (29 ـ 43 ـ 46) مليوناً، بينما تشير البيانات المتوفرة عن العالم ككل الى انخفاض النسبة وانخفاض العدد أيضاً.

المدخل الثاني: الأمية في بلدان الوطن العربيبقراءة الجدول رقم (2) (ملحق) الخاص بنسبة الأمية وأعداد الأميين 15 سنة فأكثر وتعداد السكان في بلدان الوطن العربي، وبخاصة فيما يتعلق بمقارنة بيانات عام 2000 ببيانات عام 1970 ـ نلحظ ما يلي:أ ـ أن البلدان الأكثر سكاناً في الوطن العربي هي ذاتها التي ترتفع فيها نسبة الأمية ما عدا استثناءات محدودة ترتبت على ظروف خاصة لبلدين أو ثلاث بلاد. ب ـ أن البلدان العربية الخمس الأكثر سكاناً تضم 77,9% من العدد الكلي للأميين في الوطن العربي.ج ـ أن خمسة بلدان عربية فقط تقل فيها نسبة الأمية عن نسبتها في العالم بينما تزيد نسبة الأمية في سبعة بلدان عربية عن ضعف نسبتها في العالم.د ـ أن ارتفاع نسبة أمية الإناث ـ وفقاً لبيانات سنة 2000 ـ ما زال يشكل ظاهرة مفزعة في الوطن العربي، حيث تزيد نسبة أمية الإناث في 14 بلداً عربياً ـ من بين البلدان العشرين التي توفرت بياناتها زيادة كبيرة عن نسبتها في العالم ككل، وتزداد حدة المشكلة في ثلاثة بلدان تزيد فيها نسبة أمية الإناث عن 70%.هـ ـ أن 13 بلداً عربياً انخفضت فيها نسبة الأمية خلال الثلاثين سنة (1970 ـ 2000) بمعدلات أفضل من المعدلات العالمية، إلا أن بلداً واحداً منها يُصنف بين البلاد الأكثر سكاناً في الوطن العربي.و ـ أن بعض البلدان العربية حققت إنجازاً ملموساً في التخلص من الأمية خلال السنوات الثلاثين، حيث انخفضت نسبة الأمية أكثر من 50 في أحد عشر بلداً عربياً، ومنها ستة بلدان انخفضت فيه نسبة الأمية أكثر من 60%، ويشير ذلك إلى إمكانية التخلص من الأمية في مختلف بلدان الوطن العربي إذا توفرت الإرادة والإصرار والجدية، واتبع الأسلوب العلمي في مواجهة المشكلة.
معوقات محو الأمية
بالرغم من وضوح الرؤية، وإدراك خطورة الأمية، وتصدي معظم البلاد العربية لهذه المشكلة، إلا أن كثيراً من جهود محو الأمية التي بذلت خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة من القرن الماضي لم تؤت ثمارها المرجوة، كما اتضح من العرض السابق، ويعود ذلك الى عديد من الأسباب المتداخلة لعل أهمها:
1 ـ عدم شعور الأميين بقيمة التعلم، ونقص الوعي ـ وأحياناً انعدام الوعي ـ بالعلاقة بين التعلم وبين التقدم والتنمية، استناداً الى الربط المباشر بين التعليم ومستوى الدخل، وما يكشفه أحياناً من عدم الاتساق.
2 ـ الانفصال بين الجمهور المستهدف وبين برامج محو الأمية، وعدم إدراك الجمهور غالباً لأهدافها ومحتواها ونظمها، أو عدم الاقتناع بجدواها.
3 ـ الفجوة بين الإرادة السياسية الوطنية الواضحة في كل البلاد العربية للتخلص من الأمية، وبين الاستراتيجيات والخطط، ثم الفجوة بين الخطط وبين التنفيذ، ثم شكلية او انعدام المتابعة والتقويم.
4 ـ عدم دقة البيانات اللازمة للتخطيط السليم، سواء من حيث المفردات الخاصة بالجمهور المستهدف (العدد ـ الفئات العمرية ـ الفئات الاجتماعية ـ الجنس ـ أماكن الإقامة....... الخ) أو من حيث الإمكانات المتوافرة والتي يمكن توفيرها، وبالذات الإمكانات البشرية (خبراء المناهج والمواد التعليمية ـ المشرفون ـ المعلمون.... الخ).
5 ـ غيبة التكامل الفعلي والتنسيق الحقيقي بين مختلف مؤسسات المجتمع الحكومية وغير الحكومية رغم النص على ذلك في كل البلدان تقريباً.
6 ـ غيبة الهيكل التنظيمي الكفء المحترف.
7 ـ انعدام التوازن بين وسائل تنفيذ برامج محو الأمية وعدم صياغة نماذج للنظم المتكاملة في مواقع تنفيذ البرامج على مختلف مستوياتها.
8 ـ عدم توافر العاملين المدربين وبالأخص المعلمين.
9 ـ المعالجة الخاطئة لدوافع الدارسيين.
10 ـ عدم ملاءمة برامج الدعوة والإعلام أو عدم كفاءتها.
11 ـ عدم كفاية التمويل.

جهود عربية لمحو الأمية
دعت ضخامة مشكلة الأمية وخطورتها البلاد العربية لمواجهتها من خلال التزام استراتيجيات متعددة، حتى يمكن القول إن بعض البلاد العربية قد استخدمت بالفعل الاستراتيجيات الثلاث المعروفة في هذا المجال وهي:
أ ـ استراتيجية الحملات الشاملة التي تعتمد على حشد الجهود والطاقات لمحو الأمية في أقصر وقت، والتي ارتبطت بصفة عامة بالمنهج التقليدي لمحو الأمية، الذي يقتصر غالباً على تقديم الحد الأدنى الضروري، من المعلومات والمهارات في القراءة والكتابة والحساب، ومن البلاد العربية التي استخدمت هذه الاستراتيجية على نحو ما: العراق والصومال في السبعينات، كما أن بلاداً أخرى كالجزائر والسودان نفذت أنشطة واسعة على نمط الحملات الشاملة، ومن أهم الانتقدات التي توجه الى هذه الاستراتيجية، أن عملية محو الأمية تكون قائمة بذاتها منفصلة عن مختلف جهود التنمية، وتكون برامجها نمطية موحدة مما لا يتفق مع اختلاف البيئات وتعدد فئات جمهور المستفيدين، كما تكون إدارة الحملة مركزية مما يعوق أو يؤخر اتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب.
ب ـ استراتيجية الانتقاء والتركيز التي تهتم بانتقاء القطاعات ذات الأولوية في خطة التنمية، أو انتقاء الفئات ذات الأثر الأكبر في الإنتاج، وتركز على تدريب الأميين تدريباً عميقاً مكثفاً يمكنهم من اكتساب المعارف وفي نفس الوقت اكتساب المهارات المهنية، وارتبطت بالمنهج الوظيفي لمحو الأمية الذي يؤكد الربط بين التنمية ومحو الأمية، وبدأت التطبيقات الأولى لهذه الاستراتيجية في سياق البرنامج التجريبي العالمي لمحو الأمية، الذي تبنى مفهوم محو الأمية اعتباراً من 1967، ومن الدول العربية التي نفذت فيها مشروعات محو أمية انتقائية الجزائر والسودان وسوريا.
ومن أهم الانتقادات التي وجهت الى هذه الاستراتيجية، عدم جدوى الارتباط الضيق بين محو الأمية وتدريب مهني محدد، وعدم ديمقراطية المنهج الانتقائي، وصعوبة تطبيق الانتقائية بشكل دقيق.
ج ـ استراتيجية المواجهة الشاملة التي تهدف الى تحقيق الشمولية الكمية والنوعية في نفس الوقت، فهي تستفيد من حشد الجهود والطاقات الذي تتبناه الحملات الشاملة وكذلك تستفيد من المفهوم الموسع لمحو الأمية الوطيفي، وارتبطت بوجه عام بالمفهوم الحضاري لمحو الأمية الذي تبنته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والذي يستهدف تعليم الأميين الحياة الحديثة بحقوقها وواجباتها في مختلف المجالات، مما يحقق في نفس الوقت تحديث المجتمع بما يشتمل عليه من بنى وعلاقات اجتماعية.
وقد نظمت أنشطة محو الأمية في عديد من البلدان العربية وبالذات في عقد الثمانينات من القرن الماضي وفق هذه الاستراتيجية في إطار الاستراتيجية العربية لمحو الأمية.

مستخلصات
1 ـ تشكل الأمية تحدياً كبيراً أمام الوطن العربي يعرقل جهوده نحو تحقيق التنمية الشاملة، كما يحدد من قدرته على التعامل بكفاءة مع العالم في عصر المعرفة، حواراً وإنتاجاً ومنافسةً، كما يهدد محافظته على هويته في مواجهة تيارات العولمة.
2 ـ يبرز الارتفاع الكبير لنسبة الأمية بين الإناث كمؤشر على عدم تكافؤ الفرص، وعلى إتباع سياسات تمييز ضد الإناث، مما يتنافى مع قيم الأديان السماوية التي تؤمن بها شعوب الوطن العربي، كما يحد مرة ثانية ولو بشكل مصطنع من قدرته على مواكبة الاتجاهات العالمية نحو تمكين المرأة.
3 ـ المشكلات التي تعوق جهود محو الأمية في الوطن العربي يمكن مواجهتها والتغلب عليها، شرط التطلع الى حلول غير نمطية تعتمد في الأساس على تعديل الاتجاهات قبل الولوج الى اصطناع استراتيجيات جديدة أو اتباع استراتيجيات قائمة.
4 ـ لدى معظم البلاد العربية خبرات متراكمة يمكن حشدها وتوظيفها في محو الأمية في حدود ظروف وإمكانات كل بلد، ويبقى ضرورة التعاون الإقليمي.

مناقشة حول أفكار لحل المشكلة:
الفكرة الأولى: محو الأمية والإلزام
للوهلة الأولى، فإن اصطلاح (إلزام) يتناقض مع حقوق الإنسان ومع الديمقراطية، إلا أن التأني في التفكير يكشف لنا ابعاداً أخرى، فمنذ عهود قديمة تنص كثير من الدساتير على الإلزامية في التعليم الإبتدائي، بل إن بعض البلاد العربية أطلقت في حقبة ما على أولى مراحل التعليم اسم التعليم الإلزامي، ويفسر التربويون الإلزام بصيغ تختلف باختلاف المسند إليه، فولي أمر الطفل ملزم بتقديمه الى المدرسة حال بلوغه السن المحددة، والمجتمع ممثلاً بالأساس في السلطة التنفيذية ملزم بتوفير المكان الملائم وتجهيزه لانخراط الطفل في الدراسة، والمؤسسة التربوية المعنية مسؤولة عن توفير كل مدخلات العملية التعليمية (معلمون ـ مناهج ـ مواد تعليمية ـ طرق تدريس ـ وسائل تكنولوجيا التعليم.....)، والمدرسة نفسها ملزمة بتنفيذ مفردات العملية التعليمية، ويتم ذلك كله في ضوء أهداف السياسة التعليمية التي يحددها المجتمع من خلال تحديده لمواصفات المُخرج النهائي للتعليم وهو التلميذ المفرد، والمجتمع ككل.
فإذا انتقلنا الى محو الأمية تعالت الأصوات ترفض فكرة الإلزام باعتباره اعتداءً على الحرية الفردية، وهذه ذاتها مفارقة تتعارض مع حقوق الإنسان، فكيف نسوغ لأنفسنا إتاحة الفرصة للصغير ليتعلم ويستعد لخوض غمار الحياة، ونحرم الأمي صغيراً أو كبيراً من هذا الحق، ثم أين حق المواطنة، أي حق المجتمع في أن يضمن الحد الأدنى لمواصفات مواطنيه من أجل الحفاظ على النسيج الوطني.
إن حسم هذا الأمر سيساعد الى حد كبير في إعادة النظر في أساليب حشد الأميين للتعلم، وتعزيز استمرارهم في التعلم، كما سيسمح لنا بإعادة النظر في الحوافز الإيجابية والسلبية التي تنفذها برامج محو الأمية.

الفكرة الثانية: محو الأمية سلعة مطلوبة أم خدمة معروضة
إن أخطر معوقات جهود محو الأمية تتمثل أساساً في إحجام الأميين عن الالتحاق ببرامج محو الأمية، وفي تسربهم بعد الالتحاق بفترات زمنية تقصر أو تطور، وفي ارتدادهم الى الأمية إذا استكملوا المستوى الأول دون متابعة تصقل مهاراتهم وتساعدهم على توظيفها والاستفادة منها.
ومع التسليم بأن هذه المعوقات تؤدي الى إحداثها عوامل متداخلة، إلا أن العامل الأساسي ـ في رأيي ـ يعود الى أن جهود محو الأمية ما زالت تدور في إطار الخدمة المعروضة وفي كثير من الأحيان فإنه مهما غالت المجتمعات في تقديم الخدمة، فإن الجمهور المستهدف لا يتحرك للاستفادة منها بنفس الدرجة، ذلك لأنه من حيث الشكل، فإن من يدفع تكاليف الخدمة وهو المجتمع، ليس هو الذي يستفيد منها بشكل مباشر وهو الأمي، فهناك فصل ـ ولو شكلي ـ بين المستفيد والممول، ويؤدي هذا بالضرورة الى أن تكون الدولة هي المسؤولة عن محو الأمية إدارة وتمويلاً، وأن تكون مشاركة القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني هامشية او على الأقل غير كافية، وأخطر من ذلك أنه ما دامت الدولة هي التي تؤدي هذه الخدمة، فإنها هي التي تحدد مواصفاتها وليس الجماعات المستهدفة ذات المصلحة، ومن هنا يخبو الحماس والعزم على الانتفاع بها.
وفي ضوء ذلك فإن التحدي الحقيقي، يكمن في إمكانية تحويل برامج محو الأمية الى سلعة مطلوبة، يسعى الأمي الى الاستفادة منها، بل ويستعد أن يبذل في سبيل الحصول عليها جهداً ووقتاً ومالاً ـ إذا اقتضى الحال ـ وهنا ترتبط هذه الفكرة بالفكرة السابقة فإذا نجح المجتمع في أن يجعل محو الأمية إلزاماً، بحيث يدرك الأمي بيقين أنه لن ينجح في حياته كمواطن طالما ظل على أميته، فإنه سيبذل قصارى جهده للتخلص من هذه الوصمة، شريطة أن يدرك أنها كذلك.
ولا يتحقق ذلك بمجرد سن قوانين تلزم الأمي بضرورة التعلم وإعطائه مهلة لتحقيق ذلك، بل أهم من ذلك أن نصوغ مواصفات المجتمع، المعلم المتعلم، وهو المجتمع الذي يحتاج أداء أي عمل فيه الى التعلم، وتزداد فيه حصة المتعلم من المكاسب والخدمات عن حصة الأمي، وترتفع فيه القيمة الأدبية والمعنوية للمتعلم، وفي نفس الوقت تتاح فيه فرص التعليم للجميع دون تمييز وبكفاءة تدفع الأمي الى السعي للاستفادة بها لا التهرب منها وإهدارها.

الفكرة الثالثة: النظرة الموسعة الى الجمهور
من الشائع النظر الى أن المستفيدين من محو الأمية هم الأميون أنفسهم فقط، وعلى الرغم من أنهم بالفعل مستفيدون، إلا أن كل فئات المجتمع يستفيدون في نفس الوقت، وهكذا يضم جمهور محو الأمية كلاً من: الأميين (المنتفعين المباشرين)، والمدعمين والمتعاونين والمعارضين والرأي العام، وصانع القرار الناجح هو الذي يستطيع اتخاذ القرار الذي يتلاءم مع كل هؤلاء.
فإذا كان الأمي يتوقع أن يستفيد من البرنامج فتتحسن قدراته على تقرير مصيره، وتتسع أمامه مجالات الاختيار بين البدائل، ويصبح أكثر قدرة على تحقيق مستوى أفضل من العيش الكريم مادياً ومعنوياً فإن المدعمين والمتعاونين سيحققون العائد المستهدف من جهدهم الفكري والمادي، بينما ينعم، المعارضون بحقوق متكافئة في مختلف المجالات، ويتهيأ للرأي العام المناخ الملائم للنضج والرشد، ويكفي أنه سيتحرر من سطوة المنحرفين والفاسدين الذين يراهنون كثيراً على إحداث الاضطراب وإعاقة الاستنارة من خلال استثارة الأمية في عقول الأميين، كما سيتحرر في نفس الوقت من قدرة الأميين باعتبارهم قوة مؤثرة على فرض قيمهم واتجاهاتهم غير المقبولة اجتماعياً على المجتمع ككل، ولعل نماذج كثيرة من ذلك تتضح إذا دققنا في كثير مما تقدمه وسائل إعلامية على المجتمع ككل، ولعل نماذج كثيرة من ذلك تتضح إذا دققنا في كثير مما تقدمه وسائل إعلامية وخاصة التلفاز، وما تنتجه أجهزة ثقافية كالسينما، وأخطر من ذلك كله، أن الأميين في معظمهم يسهل انقيادهم، وهنا تكمن خطورة الانسلاخ عن الهوية في زمن السماوات المفتوحة.
والاعتماد على هذه النظرة الموسعة الى جمهور المستفيدين من محو الأمية، سيؤدي بالضرورة ليس فقط الى حث الجهود لإزالة هذه الوصمة، بل أكثر من ذلك الى خلق مناخ يحفز الجهود، جهود الجميع، ويوفر النفقات، ويرفع مستويات الإنجاز.

الفكرة الرابعة: الدارس الأمي مشاركاً
سبقت الإشارة الى ان الجماعات المستهدفة بشكل مباشر من برامج محو الأمية، وهم الأميون، لا يشاركون بأي قسط في تحديد مواصفات البرامج التي يُفترض أنها تُخطط وتُنفذ من أجلهم، علماً بأن الأميين وبخاصة الكبار منهم يحسون بالفجوة بين ما يعرفونه وبين ما يفرضه التغير السريع والمستمر من تجدد المعرفة والمهارات والممارسات، ويتطلب ذلك إتاحة كافة الفرص لتعليم الأميين، بحيث نوفر لهم كل ما يثير فكر الإنسان، وذلك أن البيئة الغنية بالمثير الفكري توفر للإنسان الوضع الذي يصون فيه قدراته الفكرية ويزيدها، إلا أن ذلك ينبغي أن يتم من خلال المشاركة الإيجابية للدارس، بحيث يشعر بأنه جزء من البرنامج، وليس مجرد هدف للبرنامج، وحتى يتحقق ذلك ينبغي مراعاة خصائص الدارسين الأميين عند بناء المواقف التعليمية، وذلك من خلال الحرص على ما يلي:
1 ـ أن تكون أهداف التعلم واضحة ومرتبطة بأهداف المتعلم.
2 ـ أن يرتبط التعلم بالتغيرات التي يستهدفها المُتعلم.
3 ـ مساعدة المُتعلم على إدراك حاجاته وإدراك العلاقة بينها وبين موضوع ومادة التعلم.
4 ـ أن تتعادل وتتزامن مع قوة مثيرات التعلم، حالة من الأمن والاطمئنان بأن المُتعلم قادر على بذل الجهد المطلوب.
5 ـ أن تتكافأ وتتزامن فرص الاعتماد على المعلم للاسترشاد وفرص تحقيق الذات.
6 ـ دعم شعور المتعلم بأن لديه ثروة من التجارب والخبرات التي يمكن أن تسهم في تعلمه.
7 ـ أن يشعر المتعلم بأن موقفه من التعلم موقف جديد فعلاً، وأنه خطط من أجله.
8 ـ أن تكون تجربة التعلم بحيث يكتسب فيها المتعلم قدراً من الرضا يحدث عنه بلوغه الهدف.
وغني عن البيان، أن جمهور الأميين تتعدد فئاته سواء من حيث العمر أو الجنس أو الحالة الاجتماعية أو الحالة الاقتصادية أو الدور الاجتماعي أو المركز..... الخ.
ويقتضي ذلك بالضرورة أن تتعدد المناج وطرق التدريس والنظم..... الخ، وهنا تأتي ضرورة تدريب العاملين وبالذات المشرفين والمعلمين لاكتساب المهارات اللازمة لتعديل المناهج والطرق وأساليب التعامل وفق احتياجات التعلم، وكذا وفق الخصائص المميزة للفئات المختلفة.

الفكرة الخامسة: المركزية واللامركزية في إدارة جهود محو الأمية:
من الأمور بالغة التأثير على جهود محو الأمية، تحديد نمط إدارتها وإعداد البنى التنظيمية القادرة على تطبيق هذا النمط، وبوجه عام فإن جهود محو المية في معظم بلدان الوطن العربي نفذت بشكل مركزي سواء بصورة صريحة أم مموهة، والقضة الجوهرية التي ينبغي التفكير فيها، هي تحقيق التوازن بين المركزية التي ترمي الى تحقيق الأهداف القومية، وتحافظ على تماسك ووحدة التنظيم، وبين اللامركزية التي تساعد على تحقيق أكثر الممارسات تلاؤوماً مع الظروف البيئية والإمكانات المادية والبشرية، كما تتيح الفرصة للنمو المهني للعاملين، وتشجع الإبداع والابتكار في التخطيط والتنفيذ والتقويم، وتستفيد من مناخ المنافسة بين المحافظات والقطاعات المختلفة. ويرتبط ذلك ارتباطاً عضوياً بالاستفادة من جهود المجتمع المدني في محو الأمية، بحيث نوسع دائرة المتعاملين مع المشكلة، ونهيىء المناخ الملائم للانتفاع بكافة الخبرات والصلاحيات والعلاقات، ونخفض الأعباء عن المؤسسات الرسمية المثقلة بالأعباء.
وينبغي الانتباه هنا، الى أن فتح مجال المشاركة أمام كافة الأطراف في أنشطة محو الأمية، يحتاج ـ لضمان فعالية هذه الجهود ـ الى خلية تقوم بتنسيق الأدوار وتوزيع الأعباء، بحيث تؤلف جميع الجهود تياراً نشطاً واحداً، وإن كان ذا روافد متعددة لتحقق الأهداف المحددة، بأقل تكلفة ممكنة وبأوسع مشاركة، ودون تعارض أو تشابك بين ممارسات هذه الأطراف جميعها.

Read More.. Read more...

متطلبات الجودة في الأستاذ الجامعي

متطلبات الجودة في الأستاذ الجامعي

التعليم الجامعي ميدان من ميادين الجودة , إن لم يدرك الأستاذ الجامعي ذلك , فإنه سيصبح قليل النفع , خصوصاً وأن مفرزات الجامعات لابد وأن تتفق مع سوق العمل .إن الجودة الاقتصادية قد فرضت نفسه في عالمنا بحيث أصبحت الشركات وأسواق العمل تسير سيراً حثيثاً نحو الإبداع.وعليه فلا بد من مواكبة الركب في السير نحو الإبداع في التعليم الجامعي .من هو عضو هيئة التدريس في الجامعة ؟عضو هيئة تدريس، في كثير من الجامعات، على كل من يكون عمله الأساس التدريس أو البحث الأكاديمي، سواءً أكان عمله في الجامعة جزئيا أو كليا. ( 1)ويُعد عضو هيئة التدريس في مؤسسات التعليم العالي العنصر الفاعل والرئيس في جودة البرامج والأنشطة التعليمية على اختلاف أهدافها، ووجود عضو هيئة التدريس متميز ينعكس إيجاباً على الكفاءة الداخلية والخارجية للبرامج الأكاديمية .وتعتمد الجودة الكلية لمؤسسة التعليم العالي على نوعية أعضاء هيئة التدريس بها، لأن عضو هيئة التدريس المتميز يضع البرامج والمناهج المتطورة التي تهدف إلى ضمان خريج متميز وقوي، وفتح قنوات اتصال بينه وبين بيئته المحيطة حتى يمكن أن يكون شريكاً فاعلاً في برامج التنمية الوطنية، والإسهام في البحث والتنقيب العلمي من أجل المساهمة في تقديم الرؤى العلمية لحل مشكلات التنمية.ولكي يكون تميز عضو هيئة التدريس مضموناً فإن هناك حاجة ماسة لتهيئة الدعائم والمقومات التي تمكن عضو هيئة التدريس من الاستجابة والاستيعاب الكامل لحاجة المرحلة الحالية والمستقبلية.ويعد نموه الأكاديمي المستمر من الأولويات التي ينبغي على إدارات مؤسسات التعليم العالي إبلائها أهمية كبيرة جداً. (2 )ويلعب أستاذ الجامعة المسلم أدوارًا عدة؛ فهو مربٍّ ومُعلِم عليه التزامات أخلاقية، وباحث يوجه دراساته لخدمة دينه والإنسانية جمعاء، وموجه لتلاميذه بالكلمة والمعلومة، وهو قدوة يحتذي بها خريجو الجامعة ممن تتلمذوا على يديه.فدور الأستاذ الجامعي مع طلابه خطير، ومهمته عظيمة وحساسة، بل وفي غاية الحساسية. فقد يكون الأستاذ الجامعي -دون قصد- معول هدم لكثير من القيم. كما يمكن أن يكون له دور في غاية الفعالية في التأثير الإيجابي البنّاء.فكل كلمة يقولها أستاذ الجامعة وكل موقف يعرض له لبنة في مسار تربية أبنائه الطلاب دون أن يدري؛ إذ تتعلق كلماته بأذهان الطلاب لسنوات طويلة، وتشكل فكر رجال الغد، فهو يستطيع بقليل من المجهود أن يرسخ كثيرًا من المعاني والأخلاق الفاضلة في عقول الطلاب، وخصوصًا طلاب السنوات الدراسية الأولى.ولذلك فإن عليه أن يضع تلاميذه مكان أبنائه، فيعلمهم الإخلاص والصدق، ويحيي في نفوسهم مراقبة الله عز وجل، فهو يعلمهم الأخلاق والعلم معًا، كما يدربهم على تنظيم أمورهم، وحسن استغلال أوقاتهم، فيكون سمحًا شفوقًا معهم، يقبل أعذارهم ويسأل عن غائبهم، يرعاهم نفسيًّا واجتماعيًّا، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.يفرح لنبوغهم، ويعتني بمصالحهم ويعفو عن زلاتهم، ويحسن إليهم بعلمه وماله، ويعلمهم التأدب في معاملة أساتذتهم حتى لو خالفوهم في الرأي، ويكون حريصًا على إكسابهم أكبر قدر من المهارات والعلوم التي تنفعهم في مجالات العمل بعد الدراسة، وينصحهم بما يمكن أن يطلعوا عليه من مصادر ومراجع تنمي مهاراتهم ومعارفهم، وييسر لهم الحصول عليها. ( 3 )ما مدى الحاجة لتحقيق الجودة ؟ إن مؤسسات التعليم العالي تواجه تحديات وصعوبات كثيرة تتعلق بتحسين ظروف العاملين فيها، وإتاحة التدريب والتطوير على المهارات اللازمة لها، ورفع مستوى التدريس والبحوث والخدمات وضمان ملائمة البرامج لحاجة البيئة ومتطلبات العصر. ويؤكد عدد من الباحثين على أن من الآفات ذات الأثر السلبي الداخلي هو اكتفاء الأستاذ بما حصل عليه من تعليم وتكوين علمي، وعدم حرصه على متابعة المستجدات العالمية ولاسيما المتعلقة بطبيعة عمله، مما يجمد إمكاناته العلمية والفكرية والمهنية. وقد تنبهت الجامعات العالمية المتقدمة لهذه الحقيقة منذ أمد بعيد فقامت بالتخطيط والتنظيم لبرامج مواجهة أصلا لتطوير قدرات عضو هيئة التدريس المهنية أثناء الخدمة. ومن خلال استقراء واقع مؤسسات التعليم العالي السعودية، وما أشارت إليه بعض الكتابات والدراسات السعودية الحديثة في مجال التعليم العالي، اتضح عدم وجود خطط علمية تهدف إلى تطوير مهارات وقدرات عضو هيئة التدريس المهنية بعد حصوله على الدكتوراه. من هذا المنطلق فان مشكلة البحث يمكن أن تتحدد في وجود قصور في التخطيط لبرامج التطوير الأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس في مؤسسات التعليم العالي السعودية، الأمر الذي يتطلب البحث في واقع هذه البرامج، والسعي إلى بناء برنامج يمكن أن يُسهم في تطوير الممارسات الأكاديمية لأعضاء هيئات التدريس. ( 4)فما هي أركان التعليم الجامعي ؟نذكر الأركان باختصار كالتالي:1. الجامعة (البيئة التعليمية) .2. الأستاذ الجامعي .3. نظام الجامعة .4. الطالب الجامعي .5. المجتمع .الجودة هي: تكامل الملامح و الخصائص لمنتج أو خدمة ما ، بصورة تمكن من تلبية احتياجات ومتطلبات محددة أو معروفة ضمناً، أو هي مجموعة من الخصائص والمميزات لكيان ما تعبر عن قدرتها على تحقيق المتطلبات المحددة أو المتوقعة من قبل المستفيد . ( 5 )والجودة والإتقان مبدأ إسلامي قال الله تعالى ((صنع الله الذي أتقن كل شيء سورة النمل الآية 88 )) وقال تعالى ((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون سورة التوبة الآية 105 )) وقال تعالى ((إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا سورة الكهف الآية 30 )) وقال تعالى ((الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا سورة تبارك الآية 2 )) وقال تعالى ((ولتسألن عما كنتم تعملون سورة النحل الآية 93 )) وقال رسول الله (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) أي يحكمه ويجيده وفي الوقت الحاضر أصبح نظام الجودة في التعليم سمة العصر الذي نعيشه يحتضن جميع جوانب العملية التعليمية كالمنهج الجامعي والأستاذ الجمعي والطالب والبيئة التعليمية ( الجامعة ).إن مصطلح الجودة هو بالأساس مصطلح اقتصاديفرضته ظروف التقدم الصناعي والثورة التكنولوجية في العصر الحديث . وانتقل هذا المصطلح إلى متطلبات الحياة جميعها .ولقد تعددت تعريفات مفهوم الجودة في التعليم . ( 6 ) فيرى البعض بأنها : (ما يجعلالتعليم متعة وبهجة ) (7)تشير الجودة الشاملة في مجال الحقل الأكاديمي إلى : قدرة المؤسسة التعليمية على تحقيق احتياجات المستفيدين من المؤسسة التعليمية ( المجتمع ) ورضاه التام عن المنتج (الخريجون) .(8)بمعنى آخر فالجودة في حقل التعليم تعني مدى تحقق أهداف البرامج التعليمية في الخريجين بما يحقق رضا المجتمع بوصفه المستفيد الأول من وجود المؤسسات التعليمية .الجودةبأنها هي ( الريادة والامتياز في عمل الأشياء) . فالريادة : تعني السبق فيالاستجابة لمتطلبات العميل .والامتياز : يعني الإتقان ( الضبط والدقة والكمال في العمل ) (9) .فالجودة كتعريف عام , غير متفق عليه بين الناس لاختلاف الهدف المطلوب . ( 10 )وحيث إن الورقة محددة بالأستاذ الجامعي فإنه يكون متصفا بالجودة , عندما يكون قادراً على تحقيق احتياجات المستفيدين راضيا عن إنتاجه من الخريجين والبحث العلمي وخدمة المجتمع .ما هي عناصر الجودة في الأستاذ الجامعي . وكيف يمكن تحقيقها ؟أرى أن الجودة يمكن تحقيقها في :1. التدريس .2. البحث العلمي .3. التطور والتحديث ومتابعة ما يستجد دائماً .4. خدمة المجتمع .أولاً : التدريس :والأستاذ الجامعي الناجح يمكن أن يحقق الجودة في التدريس بما يلي :1. مواصفات الأستاذ الناجح .( إعداده النفسي والفسيولوجي والسلوكي والعلمي)• إخلاص النية والقصد الصادق .• التعليم رسالة وليس مجرد وظيفة .•تحمل هم والآلام الوطن والأمة .•العناية بالتخصص ومعرفة دقائقه . • أن يكون معلم ومتعلم في أن واحد . • الوفاء بالوعود .•الحوار والتقدير البناء .• تنمية وتطوير شخصية الطلاب . •الاهتمام بشكله العام وهندامه .•أن يكون قدوة حسنة للمجتمع الذي هو فيه . (11)وفي بداية العام الدراسي يكون التركيز الأكبر في استقبال الأساتذة للطلاب الجدد ؛ على الترحيب بهم ، وإزالة الرهبة من صدورهم، وتعريفهم بطبيعة الحياة الجامعية، وطبيعة كليتهم وأقسامها، ومجالات العمل بعد التخرج ، إلى آخر ما يشعر الطالب بحرص أستاذه على مصلحته، ويهيئه للتعامل الأفضل مع المجتمع الجديد ، مجتمع الجامعة .وأما أثناء العام الدراسي، فيتمكن الأستاذ الجامعي من العطاء في المحاضرة، وينبغي عند وضع المناهج التدريسية أن :1. يحدد أهدافه من تدريس المنهج النظري والعملي في بداية المذكّرة أو الكتاب. 2. يقوم بتحديث المنهج كل عام؛ مع مراعاة مناسبة المنهج للمرحلة الدراسية والسنية. 3. يضع بعض الأسئلة والتدريبات بعد كل موضوع. 4. يراعي ترابط موضوعات المنهج، وعدم تداخلها مع مناهج أخرى ما أمكن. 5. يراعي تناسب حجم المنهج (كمية المعلومات الدراسية مع ساعات تدريسه). 6. يحاول إدخال التطبيقات التي لها علاقة بمجالات العمل الخارجية، مع عدم حشو المناهج بما لا تستوعبه عقول الطلاب (يفرق بين منهج الطلاب ومنهج الدراسات العليا). 7. يعتني بالكتاب ويحاول جعله مادة شيقة، ويجعله في متناول الطلاب مع بداية العام الدراسي، وثمنه مناسب مع تيسير النسخ المجانية لغير القادرين من الطلاب. 8. يحدد في أول محاضرة له موعد حضوره ويلتزم به. 9. يتفرغ للطلبة وقت المحاضرة -فمثلاً يغلق هاتفه المحمول- ويُعِدّ للمحاضرة جيدًا، ويستخدم فيها وسائل شرح غير تقليدية، ويعتمد على الأساليب التفاعلية بينه وبين الطلاب، حتى يتغلب على الروتين في أداء المحاضرة. 10. تحري أسهل الطرق وأفضل الكلمات لجعل الشرح سهلاً وواضحًا وموافقًا لما في الكتاب. 11. غرس قيمة العلم ودوره في بناء المجتمعات في نفوس الطلاب. 12. يربط المنهج بالدين والقيم الفاضلة والحياة العلمية. 13. يستخدم الأمثلة والطرفة التي تخدم المعاني، وتشوق الطالب لسماع المحاضرة. 14. عمل استبيان للاسترشاد به عن مواطن الصعوبة في المنهج؛ لمراعاة ذلك عند وضع الامتحان، أو إعادة شرحها مرة أخرى، وتحسين طرق التدريس. وتُعَدّ الريادة الطلابية المسرح الذي تتجسد عليه روح الحب بين الطالب والأستاذ؛ من خلال:- العمل على حل مشاكل الطلاب النفسية والاجتماعية (كالفقر، والاغتراب، ومشاكل الأسرة، و...).- العمل على حل مشاكل الطلاب التعليمية إما بنفسه أو عن طريق أحد الزملاء.- توضيح أهمية التفوق الدراسي ودوره في إيجاد فرصة العمل بعد التخرج.- إحياء ثقافة الأمل وكسر روح الانهزامية واليأس وعدم الانتماء في نفوس الطلاب. كما يقع على عاتق الأستاذ في المعمل أو "السيكشن"، حيث العدد القليل من الطلبة، وإمكانية التفاهم والتواصل معهم؛ لذلك فإن هناك مهام اجتماعية وتعليمية وأخلاقية مطلوبة منه، ومنها على سبيل المثال:1. إعطاء الفرصة لكل طالب للعمل بيديه، وخاصة في الكليات العملية. 2. يتواصل الأستاذ أو المعيد مع الطلبة وكأنه والده، أو أخوه الأكبر، وتسود بينهم علاقة الاحترام، والعمل على مصلحة الطلاب، وتبادل وجهات النظر. (12)ولذا نوصي بأمر مهم ألا وهو :تحقيق الكفاية للأستاذ الجامعي .تلبية حقوق الأستاذ الجامعي المادية سواء منها المرتبطة بمعيشته وحياة أسرته أم المتعلقة بدعم أنشطته بوصفها أنشطة تخص تطوير الحياة العامة وإعادة بنائها إيجابيا... ومعروفة أهمية تفرغ الأستاذ للبحث العلمي ومنع إشغاله بلقمة العيش وضنك تفاصيل حياته اليومية ومعاناته في بؤس ما يتحصل عليه من فتات لا يسد رمق تحت خط الفقر.. ومقارنة بين أجور الأستاذ العربي في دولة متقدمة أو دولة إقليمية مجاورة غير عربية سنجد البون الشاسع بين الأجرين ولكن الطامة لا تكمن في هذا الفرق بل في كون الأجر الزهيد يجبره على الانشغال في أنشطة لتلبية متطلبات لقمة العيش وترك البحث العلمي المنتظر منه... والأكثر خطورة هو تدهور الحالة المادية لحدود جلبت دخلاء على مهنة الأستاذ الجامعي دفعت بهم لتشوهات الفساد لتلبية تلك الحاجات بما يضرب العملية الأكاديمية في الصميم والجوهر ويعيدنا لمواضع أشد فقرا علميا وأخطر في تهديد مستويات تخريج دفعات جديدة مريضة خاوية من العلم.(13)
ثانياً : البحث العلمي :يعد البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي من جامعات ومعاهدعليا متخصصة مطلباً أساسياً للتميز في أي حقل من حقول الدراسة المتخصصة في مجالاتالعلوم المختلفة ، ولقد تمكنت كثير من جامعاتالعالم من تحقيق درجات عالية من التميز والريادة في مجالات محددة من مجالات البحثالعلمي، بل وتحرص على استمرار هذا التميز والريادة في تلك المجالات من خلال باحثينمتميزين يكون معظمهم من أعضاء هيئة التدريس الباحثين حتى تتحقق الفائدة التبادليةبين التعليم الجامعي والبحث العلمي. ونظراً لأهمية الدور الأساس الذي يمكن لعضوهيئة التدريس الجامعي الباحث القيام به في مجال البحوث المتخصصة ينبغي إيجاد صيغةفاعلة ومناسبة لتقنين عملية تقويم الجهود البحثية كافة وإيجاد الحوافز التي تدفعإلى التميز الحقيقي والريادة والحرص على الاستمرار في عملية البحث العلمي المتواصلوالمترابط في مجالات محددة من خلال تخطيط بعيد المدى.ومن أجل ضمان تنشيط عملية البحوثالعلمية المتميزة واستمرارها نؤكد على: 1- ضرورة الاستفادة القصوى منالباحثين المساعدين المتميزين بدءاً من تحسين عملية اختيارهم وتطوير قدراتهمالبحثية إلى تحسين وتقنين عملية انخراطهم في مجالات بحثية معينة تدعم الجهودالبحثية للأساتذة الباحثين من خلال خطة بحثية بعيدة المدى، وإيجاد الآليات التيتضمن استمرار الاستفادة من القدرات البحثية للمتميزين منهم في دعم عملية البحثالعلمي. 2- ضرورة تنشيط حركة تأليف الكتب الدراسية وترجمتها من خلال خطة مرحلية تعدبناء على أولويات واحتياجات الأقسام الأكاديمية. 3- ضرورة إنشاء دور نشر علميةمتخصصة يكون دورها المبادرة والمساهمة في دفع حركة التأليف والترجمة بحيث يستفادفيها من الطاقات الإبداعية للأساتذة المتخصصين لتنفيذ مشاريع تأليف وترجمة تكونمعتمدة في خطط بعيدة المدى تعدها مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي. 4- نتيجةللنمو المتسارع لحركة العلوم والمعارف الإنسانية في شتى المجالات يلاحظ الدارسلتطوير التعليم العالي في هذا القرن تعدد مسميات وأنشطة مؤسسات هذا التعليم. فمنهذه المؤسسات الجامعات والمعاهد العليا المتخصصة في العلوم والتقنية ومراكز البحوثالعلمية المختلفة. ومع هذا التعدد يرجى دائماً أن تكون المحصلة النهائية من أنشطةهذه المؤسسات إثراء المعرفة الإنسانية في المجالات كافة ومنها مجالات العلومالطبيعية والتطبيقية التي يمكن من خلالها تفعيل عملية الاستغلال الأمثل للبيئةالمحيطة أو محاولة التغلب على بعض المشكلات التي تطرأ مثل المشكلات البيئيةوالصحية، إلا أن تحقيق الأهداف المرجوة من هذه المؤسسات تستلزم عدة أمور منها:Ø وجود خطط مشاريع بحثية بعيدة المدى. Ø وجود باحثين متميزين. Ø تقديم الدعماللازم. Ø وجود آليات متابعة وتقويم دقيقة. ونظراً لأهمية الدور الذي ينبغي أنيضطلع به عضو هيئة التدريس الجامعي من أجل تحقيق أهداف مؤسسات التعليم العالي لابدمن وجود صيغة واضحة لتحديد القدرات البحثية لكل عضو هيئة تدريس، ومن ثم العمل علىالاستفادة المثلى من تلك القدرات وقد يكون ذلك من خلال عمل فردي مستمر ومترابط أومن خلال جماعات بحث متخصصة تعمل لتحقيق نتائج بحثية محددة في إطار زمني معين. إن كلمؤسسة من مؤسسات التعليم العالي تطمح إلى التميز فيما تقدمه من معارف والريادة فيماتحققه من نتائج بحثية، ولكن يبقى تحقيق الريادة في مجالات البحوث المتخصصة أمراًعسير المنال في أغلب الأحيان، وذلك لأسباب كثيرة قد يكون في مقدمتها عدم وجود صيغةواضحة للأهداف التي ينبغي لأستاذ الجامعة الباحث تحقيقها بصورة متواصلة يرجى منهاتحقيق التميز والريادة، ولذا وبالمقارنة مع بعض مؤسسات التعليم العالي المتميز فيالعالم، فإن غالبية مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي في العالم العربي - وبعدمضي ما يقارب قرناً من بدء النهضة التعليمية - لم تحقق درجات مرضية من التميز أوالريادة البحثية في أي مجال من مجالات العلوم والمعارف الإنسانية وكان دورها فيأغلب الأحيان مقصوراً على تحقيق الحد الأدنى من أهداف التعليم العالي من خلال تزويدطلابها بأساسيات المعرفة المتخصصة فقط دون إيجاد الآليات التي يمكن من خلالها تطويرتلك الأساسيات المعرفية لارتياد مجالات بحثية جديدة. ومع التأكيد على أهميةالاستمرار في الجهود المبذولة في عملية تزويد طلاب مؤسسات التعليم العالي بأساسياتالمعرفة التخصصية، إلا أن عدم تحديد الأهداف بعيدة المدى لهذا التعليم قد تكونسبباً فاعلاً في انعدام المنفعة المتبادلة بين التعليم الجامعي ونتائج البحوثوانعدام الحافز لارتياد مجالات بحثية جديدة، وبالتالي فإن إمكانية تحقيق التميزوالريادة لمؤسسات التعليم والبحث العلمي في حقل من حقول المعرفة المتخصصة قد تكونضئيلة جداً. إن التميز والريادة الذي تحقق لكثير من مؤسسات التعليم العالي فيالعالم لم يتم من خلال التميز في عملية نقل العلوم الأساسية والمعارف فقط، بل منخلال التميز أيضاً في إجراء أبحاث محددة الأهداف ومتواصلة في فترات زمنية متعاقبة،ولذا ينبغي تفعيل آلية محددة لتنشيط البحث العلمي المتواصل والمتميز الذي يحققأهدافاً بحثية يرجى منها تحقيق الريادة المتعارف عليها في مؤسسات التعليم العاليوالبحث العلمي. ونظراً لأن المحرك الأساس لعملية البحث العلمي هو الأستاذ الجامعيالباحث، ونظراً لتعدد العوامل التي تؤثر في نوعية وأهداف نتاجه البحثي فعلى إداراتالبحوث في مؤسسات التعليم العالي التأكيد على أهمية تحقيق التميز والريادة فيمجالات البحوث المختلفة وذلك من خلال الاستغلال الأمثل لطاقات الباحثين في الأقسامالمختلفة، بحيث يكون ذلك من خلال تحديد جماعات بحثية متخصصة حتى تنسجم طاقاتالباحثين مع الأهداف المرسومة لسياسة البحث العلمي في حقول علمية محددة مع الحفاظعلى تشكيل المجموعات البحثية لأطول فترة زمنية ممكنة لتحقيق الأهداف المرسومة،وتوفير قاعدة تبادل المعلومات التي تيسر للباحثين التعاون مع نظرائهم في مؤسساتالتعليم الأخرى. وبعد تحديد الأهداف الأساسية للبحث العلمي يصبح وجود صيغة دقيقةلتقويم الأنشطة البحثية لأستاذ الجامعة الباحث أمراً ضرورياً ومحركاً فاعلاً لتنشيطالبحوث العلمية المتميزة التي ينبغي أن تحقق التميز والريادة لمؤسسات التعليمالعالي والبحث العلمي. هذه الورقة تهدف إلى تحسين عملية تقويم الأداء البحثيللأستاذ الجامعي الباحث في مؤسسات التعليم العالي في المملكة العربية السعودية حتىيستطيع الإسهام بصورة فاعلة لتحقيق ما ترجوه هذه المؤسسات من تميز وزيادة . (14)ثالثاً : تطوير الأستاذ .( علمياً , تقنياً )أ . التطوير العلمي والتقني :• يعد تطوير الأستاذ الجامعي أساسا ونواة تقدم وتغيير وبدونه قد لا تنجح العوامل الأخرى بتحقيق أهدافها فينبغي على جميع المسئولين من صناع القراردراسة وإدخال كل ما يتوافق من إضافات لدعمه والبحث عن الأوضاع والمؤثرات والاختيارمن بينها في ضوء تصور اتجاهات تحدد واقع ومستقبل الأستاذ بشكل خاص والتعليم العاليالذي نعمل من أجله بشكل عام. ولهذا انشغلت معظم دول العالم بإيجاد أنظمة وقوانينأكثر تطورا بهدف دعم وتوفير الإمكانات اللازمة للتعامل مع التوسع الكبير للمعرفةعند اتخاذ القرارات اللازمة بشأن الأساتذة وجعلهم يعيشون حياة مستقرة مما ينعكس علىتطورهم المتواصل في مجال تخصصهم .وبما إن سمة العصر الذي نعيش فيه يمتاز بالتغيروالتجديد ألا أن الأستاذ الجامعي أُهمل بسبب العوامل السياسية والاقتصاديةوالاجتماعية المختلفة التي أثرت بشكل مباشر به نتيجة تبني مؤسسات التعليم العاليأنظمة وقوانين لا تتفق وأغراضها لأسباب غير قابلة للفهم من معظم العاملين بالجامعاتمما جعل تطبيقها مضرا وغامضا وغير اقتصادي من حيث الوقت والجهد والمال. (15)ويؤكد السلمي ( 1999م : 123-125 ) على الأسس التي ينبغي أن تقوم عليها تطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس فيذكر الأسس التالية: • تنظيم دورات مستمرة لأعضاء هيئة التدريس لتزويدهم بالمعارف المتجددة. والتدريب على التقنيات التعليمية. • تنظيم برامج لربط أعضاء هيئة التدريس بقطاعات الإنتاج والخدمات ومجالات العمل التطبيقي . • تنمية فرض البحث المشترك بين الأقسام والكليات كوسيلة لفتح آفاق المعرفة المتكاملة لأعضاء هيئات التدريس. • تشجيع التدريس والتأليف المشترك. بحيث يشارك أكثر من عضو هيئة تدريس في إعداد المادة التعليمية، وتدريس الطلاب لمقرر واحد. الأمر الذي يسمح بتكامل خبراتهم وتنمية قدراتهم ومعارفهم. • إعمال نظام متكامل لتقييم أعضاء هيئات التدريس يقيس كفاءتهم في التدريس، ويرصد إنجازاتهم البحثية، والتطوير في مستوياتهم العلمية والمعرفية بالقياس إلى المعايير العالمية المتعارف عليها في مؤسسات وجهات الاعتماد المعترف بها Accreditation. • التدريب على استخدام الوسائط المتعددة. • التأكيد على أهمية إجادة اللغات الأجنبية خاصة الإنجليزية. أما ماكهارجيو ( Mchargue, 1996 : 52 )، فيرى أن أسس وقدرات التطوير يجب أن تنطلق من الآتي : • التطوير للعاملين الجدد بمؤسسات التعليم العالي. • تنظيم ورش العمل.• إيجاد المواد المساعدة في تدوين المنهج. • الدعم لأنشطة التقدم. • إيجاد الموارد المرتبطة بأنشطة التقويم التشكيلي لأعضاء هيئة التدريس. • تسهيل وتهيئة العلاقات مع المؤسسات التعليمية الأخرى. • اقتراح الجهود لتحسين بيئة التدريس والتعلم، • تجهيز قاعات الدراسة، والتطوير التنظيمي لتحسين أدوار القادة الأكاديميين في التطوير المهني. • حضور وإرسال أعضاء هيئة التدريس إلى مؤتمرات التطوير، ومناقشة مسئوليات التدريب واحتياجاته. وفي ضوء ما تقدم يتضح بجلاء أهمية الأخذ في الاعتبار هذه التوجهات السياسية، والعلمية ومحاولة استثمارها لإيجاد التغير المطلوب والمأمول والذي يحقق التكامل في جودة أداء مؤسسات التعليم العالي.• توظيف عضو هيئة التدريس لأداء مهام بسيطة إلى توظيف عضو هيئة التدريس لتأدية مهام متعددة ومعقدة . • تحول الأستاذ من المراقب والمشرف إلى الموجه والقائد. إنَّ هذا التحولات تتطلب مجموعة من القدرات يجب أن تتوافر في عضو هيئة التدريس بمؤسسات التعليم العالي, يمكن إجمالها في الآتي :•التحول في تدريسه من التلقين إلى الحوار. •التحول من تدريس مقرر إلى تدريس موضوعات أو مقررات متداخلة •التحول من نظام الفصل الواحد إلى نظام المجموعات الطلابية. •التحول من المقاعد المتتالية إلى نظام الدوائر المستديرة. •التحول من التعلم أجل الحصول على معلومات إلى التعلم من أجل المعرفة، وحل المشكلات ، واتخاذ القرار، واختيار البدائل. •التحول من قيم التعليم التنافسي إلى قيم التعليم التعاوني •التحول من الاهتمام بإجراءات إعداد الدروس إلى التأكيد على تحقيق الأهداف. •التحول من تأكيد القيم الذاتية إلى تأكيد قيم المجموعة. •تكوين مجموعات تعلم وفرق تعلم عبر الإنترنت. •تكوين شبكات للتعلم بين الأساتذة والطلاب باستخدام التقنية. إن تطور المعلومات الإلكترونية والمعلوماتية وغيرها من الأسباب التي دعت إلى تطور دور الأستاذ وفرضت عليه مسئوليات جديدة.• كما أن دور الأستاذ أصبح دوره يتركز على : تخطيط العملية التعليمية وتصميمها وإعدادها، علاوة على كونه مشرفاً ومرشداً وموجهاً ومقيماً لها. وهذا يتبعه بالطبع التعرف على ( مهـارات المصمم التعليـمي) والـذي تحـددها ( دروسه ) في الآتي :1. تحليل التعليم2. تنظيم ( تصميم ) التعليم3. تطبيق التعليم :4. إدارة التعليم :5. تقويم التعليم :•استخـدام تقنية المعلومات الجديدة في كل مجالات التربية هذا التطوير السريع يتطلب: • التحرك على ثلاث جهات هي : 1- التقنية 2- المحتوى 3- التدريبوتغير أدوار الأستاذ من ملقن إلى : معلم Instructor مدرب Coach ناقد Critc ولذلك هناك حاجة إلى القدرات التالية: – التعرف على أسس ومبادئ التقنية الحديثة ومجالاتها وأساليبها المختلفة . – أساليب استخدام تقنيات الحاسب في تدريس المقررات الجامعية المختلفة. – أساليب الاستفادة من شبكة الإنترنت وتطبيقاتها العملية في التدريس الجامعي. – الاستفادة من التعليم عن بعد والتوسع في تطبيقه في التعليم الجامعي. – استخدام تقنيات الحاسب في القياس التربوي وبناء الاختبارات. – الإلمام بجميع أسس الاتصال وتطبيقاته في عملية التعليم والتعلم .(16)متابعة ما يستجد .(المؤتمرات والملتقيات والدوريات)مما يطور الأستاذ الجامعي العربي دعم روابطه الأكاديمية وجمعياته ودعم أنشطته غير الأكاديمية مثلما يتطلب قبل ذلك تفعيل عقد مؤتمرات البحث العلمي وتعزيز مكانة تلك المؤتمرات القطاعية التخصصية وتفعيل العلائق بين الجهات الرسمية الأكاديمية التخصصية على مستوى البلدان العربية كافة.. ومن الطبيعي أن يكون لاتحاد الجامعات العربية وفروعه التخصصية على مستوى الكليات والأقسام العلمية موقع الاستماع لمقرراته ليس في إطار جامعة الدول العربية المحاصرة في محاولاتها حسب بل في أوسع نطاق على مستويات كل بلد عربي يلتزم بمقررات موضوعية صدرت وتصدر من الاتحاد الذي يرتقي يوما فآخر من أجل تعزيز مكانة الأستاذ الجامعي وتطوير مؤسسته العلمية الأكاديمية البيت الجامعي... منح فرص استثنائية لاستدعاء الأستاذ الجامعي العربي من مهجره بعقد مؤتمرات سنوية بالخصوص للمهجريين في بلد عربي أو آخر بشكل متنقل دوري والعمل على استثمار بحوثه العلمية في بلدان عربية قبل المهجرية.. وأول هؤلاء أولئك الأساتذة الذين هُجِّروا قسرا بسبب تكفيرهم من جهلة القوم.. عقد ملتقيات مشتركة بين أساتذة الجامعات العربية في مختلف التخصصات بشكل دوري والعمل على توحيد اللوائح العلمية بين تلك الجامعات بما يحفظ حقوق الأستاذ بالتحديد وأولا... (17)رابعاً : خدمة المجتمع . (خير الناس أنفعهم للناس)ويمكن للأستاذ الجامعي أن يخدم المجتمع بعدد من الأمور :· تقديم النصيحة والاستشارات الدينية والاجتماعية لأفراد أمته عامة . ( الدين النصيحة )· المشاركة في الندوات والمحاضرات والمتقيات والنشطات العامة والخاصة في المجتمع .· المشاركة الكتابية بالمقالات في الصحف والمجلات والدوريات .· المشاركة الإعلامية في القنوات المختلفة المسموعة والمرئية .· تقوية إحساس المجتمع المحلي بدور الجامعة وأهميتها كمؤسسة علمية تربوية , مما يشجع المجتمع العمل على مساندة الجامعة لتحقيق أهدافها . التوصيات 1. اعتماد سياسة حازمة لتنمية قدرات العاملين في مؤسسات التعليم العالي بالتخطيط والتنظيم لبرامج موجهة أصلاً لتطوير العاملين في مؤسسات التعليم العالي.2. تذليل التحديات والصعوبات التي تتعلق بتحسين ظروف العاملين في مؤسسات التعليم العالي .3. وإتاحة التدريب والتطوير على المهارات المختلفة التقنية والمهنية لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات .4. رفع مستوى التدريس والبحوث والخدمات , وضمان ملائمة البرامج لحاجة البيئة ومتطلبات العصر .5. الحذر من الخسارة العظيمة التي تتكبدهامؤسساتنا العلمية العليا يوماً بعد يوم من اتجاه معظم أعضاء التدريس فيها إلى البحثعن مصادر إضافية للمال لسد متطلباتهم ومتطلبات عائلاتهم الأساسية ، وأن هذا سوف يفرزعقول أكاديمية مشغولة بلقمة العيش وضمان مستقبل أسرهم ، وهو ما يجعل ما يفترض أنهمصفوة المجتمع من الناحية العلمية والبحثية , فمن سيقوم بالتدريس الجامعيالمميز والبحث العلمي المثمر إذا أصبحت لقمة العيش هي الهدف الوحيد والهم الأكبرلأساتذة التعليم العالي بعد أن تبخرت أهدافهم العلمية والأكاديمية في ظل ظروفالحياة الصعبة ؟!!6. دعم الجامعات ودور البحث العلمي بموارد مالية مستقرة مرتفعة وبشكل دوري , مع بناء صرح علمي متكامل ومتوازن بين عدد الباحثين والفنيين والإداريين,تعمل ضمن خطة علمية وإستراتيجية واضحة لأمد متوسط (35 سنوات) وضمن شروط صارمةللرقابة العلمية والإدارية .7. تقويم البرنامج تقويماً مستمراً أثناء التنفيذ ويتولى التقويم الجهاز أو الوحدة أو المؤسسة أو المراكز أو العمادة أو فريق التطوير، ويتطلب مشاركة جميع أعضاء هيئة التدريس المشاركين في برامج التطوير في عملية التقويم.8. إعداد البحوث والدراسات التي يتم تمويلها من قبل الجهات المستفيدة . المراجع : ( 1 ) واقع النمو الكمي لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية ومستقبله: نموذج جامعة الملك سعود الدكتور / عبد الحليم بن عبد العزيز مازي و الدكتور/ عبد الرحمن بن محمد أبوعمه جامعة الملك سعود، وزارة التعليم العالي- الرياض ( 2) سياسات التعليم العالي في السعودية (برنامج تطوير ممارسات الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس ) ( 3) الدليل الألمعي لأخلاق الأستاذ الجامعي . د. علاء السيوفي . جامعة القاهرة - كلية العلوم ( 4 ) انظر رقم (2) ( 5) الجودة ـ جودة التعليم ـ إدارة الجودة الشاملة (رؤية حول المفهوم والأهمية) ا.د/ مصطفى السايح محمد( 6 ) الجودة الشاملة والإصلاح التربوي د. محمد يوسف أبوملوح مركز القطان للبحث والتطوير التربوي/ غزة . برنامج إدارة الجودة الشاملة وتطبيقاتها فيالمجال التربوي، المركز العربي للتعليم والتنمية- الدوحة قطر أحمدمصطفى ، محمدالأنصاري . مدارس الجودة الشاملة، تعليم الإحساء- رسالة مركز الأمير محمد بنفهد بن عبد العزيز للجودة . نظام إدارة الجودة الشاملة وإمكانية تطبيقه في مجال العمل التربويفي دول الخليج العربي (2001).( 7 ) مفاهيم الجودة الشاملة في التربيةوالتعليم يعقوب يوسف عفيفي ورقة عمل مقدمة للقاء الثاني عشرللإشراف التربوي في منطقة تبوك في 26 – 28 /4/ 1428 هـ من المدرسـة التقليدية إلى مدرسـة الجودة (استراتيجيات للتحول) . الملتقى ورقة عمل مقدمة إلى الأول للجودة في التعليم الأحساء 18-19\12\1427هـ ( 8 ) أ. الجودة الشاملة ، احمد ابراهيم ب. إدارة المؤسسات التربوية ، حافظ احمد المصدر: موقع مديرية التربية والتعليم- قباطية-( 9 ) المدخل الشامل للإدارة الجودة الشاملة . د. حامد عبد الله السقاف( 10 ) مفهوم الجودة الشاملة . محمد علي عبد العزيز حلواني (11) القدرات المطلوبة لتطوير جودة الأداءالأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بمؤسسات التعليمالعالي لمواجهةتحديات عصر العولمة .بحث مقدم إلى ورشة عمل ( طرق تفعيل وثيقة آراء الأمير عبد الله بن عبد العزيز حول التعليم العالي . 19- 21 /12/ 1425 هـ د. علي ناصر شتوي آل زاهر . جامعة الملك خالد .( 12 ) انظر مرجع رقم (3) .(13) الأستاذ الجامعي العربيوبعض ظروفه المحيطة د.تيسير عبدالجبار الآلوسي شبكة زهريرا الإخبارية .و أساتذة التعليم العالي أفواه وأرانب . د. محمد ناصر الحقباني صحيفة الجزيرة 17/12/1428 عدد 12872(14) الأستاذ الجامعي والبحوث العلمية د. سعيد بن عبود الغامدي (جامعة الملك فهد للبترول والمعادن) .(15) تصورات مستقبلية لتطوير الاستاذ الجامعي .أ.د.محمود داود الربيعي صحيفة الصباح .16 فبراير 2007 رابط الكتروني:http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=18428(16) انظر مرجع رقم (11) .(17) انظر: الأستاذ الجامعي العربيوبعض ظروفه المحيطة د.تيسير عبدالجبار الآلوسي شبكة زهريرا الإخبارية .

Read More.. Read more...

البحث العلمي في الوطن العربي: الواقع والتحديات وآفاق المستقبل

البحث العلمي في الوطن العربي: الواقع والتحديات وآفاق المستقبل
تجاوز الأزمة يفرض العمل وفق خطة تنموية شاملة

لم يعد البحث العلمي ترفاً أكاديمياً تمارسه مجموعة من العلماء بمعزل عن الشؤون العامة، بل بات يُعتبر من المؤشرات الأساسية لقياس تطوّر الدول. فازدهار الأبحاث العلمية في بلدٍ ما يؤدي إلى تحريك العجلة الاقتصادية والتربوية، ممّا يحمل بدوره الاستقرار والرفاهية إلى المجتمع. وعلى الرغم من الجهود المبذولة والحماس الظاهر الذي تبديه الدول العربية لتعزيز البحث العلمي والتنمية التكنولوجية، لا يزال الوطن العربي بحاجة إلى قطع أشواط كبيرة للنهوض بواقعه في هذا الإطار.

وقبل أن نستعرض المشاكل التي يواجهها البحث العلمي في وطننا العربي ونبحث عن حلول لها، فلننظر، بالأرقام، إلى واقع البحث العلمي في الدول العربية، من حيث عددمراكز الأبحاث والباحثين وإنتاجيتهم. بحسب الدراسة التي أجراها طه تايه النعيمي تحت عنوان "المؤسسات العلمية في الوطن العربي ودورها في نشاط البحث العلمي" (ورقة مقدمة في ندوة البحث العلمي في العالم العربي وآفاق الألفية الثالثة: علوم وتكنولوجيا، الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، 2000) يبلغ عدد مراكز الأبحاث خارج الجامعات في البلدان العربية 280 مركزاً تتوزّع على البلدان العربية كما يظهر في الجدول 1.



الجدول 1: عدد مراكر البحث العلمي (خارج الجامعات) في البلدان العربية (المصدر: طه النعيمي "المؤسسات العلمية في الوطن العربي ودورها في نشاط البحث العلمي" 2000)

ويتخصّص العدد الأكبر من هذه المراكز في مجال الزراعة والموارد المائية والصحة والتغذية والبيئة، أما المراكز المتخصصة في التقانات الحيوية أو الإلكترونيات، فلا تتجاوز نسبتها 3% من جملة هذه المراكز (الجدول 2).



الجدول 2: عدد مراكز الأبحاث العلمية والتقانية (خارج الجامعات) في الأقطار العربية حسب مجالات التخصص وعدد الأقطار العربية الموجودة فيها (المصدر: طه تايه النعيمي " المؤسسات العلمية في الوطن العربي ودورها في نشاط البحث العلمي"، 2000)

ويشير تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2003 إلى أن العدد الإجمالي للباحثين المتفرغين في البلدان العربية يبلغ حوالى 35000، أي 3.3 باحث (من مستوى الدكتوراه والماجستير) لكل 10000 فرد من القوى العاملة. ويبلغ عدد المهندسين والعلماء العاملين في مجال البحث والتطوير 400 باحث لكل مليون من السكان في العالم العربي، مقارنة مع 4000 باحث لكل مليون من السكان في أميركا الشمالية، (الجدول 3).
وفي ما يتعلّق بإنتاجية الباحثين، تشير أرقام اليونيسكو إلى أن إنتاجية عشرة باحثين عرب في المتوسط توازي إنتاجية باحث واحد في المتوسط الدولي.‏ كما أظهرت دراسة نشرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع الصندوق العربي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في العام 2003، أن الدول العربية لم تحصل بين العامين 1980 و2000 إلا على 370 براءة اختراع صناعي، مقابل 16000 براءة اختراع صناعي حصلت عليها كوريا الجنوبية خلال الفترة نفسها. وعلى صعيد المساهمة المادية، يشير تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2003 إلى أن ما تنفقه الدول العربية على البحث العلمي لا يتجاوز 0.2% من الناتج القومي، في حين تنفق البلدان المتقدمة ما بين 2.5% و5% على هذا المجال. لكن هذا الواقع، رغم قتامته، لا يجب أن يصيبنا بالتشاؤم، بل ينبغي أن يحفزّنا على العمل الجادّ لتجاوز أزمتنا، من خلال حصر معوقات البحث العلمي في العالم العربي، وهي تظهر على الصعد المادية والبشرية والتكنولوجية والتربوية والمعرفية، وذلك بغية إيجاد الحلول لها.تشير الاتفاقات الدولية المتعلّقة بالإنفاق على البحث العلمي إلى أن نسبة الإنفاق على البحث العلمي يجب أن تبلغ على الأقل 1% من الناتج المحلي الإجمالي في بلد ما لتحقّق أثراً ذا شأن في قطاعات المجتمع المختلفة. لكن الميزانيات العربية المخصصة للبحث العلمي تُعدّ ضئيلة. فبحسب إحصاءات اليونيسكو للعام 1999، بلغ حجم الإنفاق على البحث العلمي في مصر 0.4% من إجمالي الناتج القومي، وفي الأردن 0.3% وفي المغرب 0.2% وفي كل من سوريا ولبنان والسعودية وتونس 0.1%. ومع أن بعض الخبراء يصل بهذه النسبة إلى 0.7% في بعض الدول العربية، إلا أنها تبقى ضئيلة إذا ما قورنت بالميزانيات العالمية. ويظهر الباحث صبحي القاسم، في دراسة أجراها تحت عنوان "نظم البحث والتطوير في البلدان العربية: واقعها والالتزامات الجديدة لتقويمها" (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) ومكتب اليونسكو، القاهرة، 1999)، معدّلات الإنفاق على البحث العلمي في عدد من دول العالم بين عامي 1990 و1995. وبحسب هذه الدراسة، تنفق الولايات المتحدة واليابان والسويد نسبة 3.1% من دخلها القومي الإجمالي على البحث العلمي، وتبلغ هذه النسبة 2.4% في ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وأستراليا وكندا، و0.7% في اليونان والبرتغال واسبانيا، و0.4% في تركيا والمكسيك. أما في الدول العربية، فلا تتجاوز نسبة الإنفاق على البحث العلمي 0.2% من الدخل القومي الإجمالي (الجدول 4). لكن الخطورة لا تكمن فقط في تدنّي نسبة الإنفاق على الأبحاث، بل في تذبذبها خلال السنوات، وفي كون البحث العلمي يُعتبر من أولى القطاعات التي تتأثر في حال مرّ البلد بأزمة مالية أو سياسية. فمعظم مراكز الأبحاث العربية مدعومة من القطاعات الحكومية في الدول، وهي بالتالي عرضة للكثير من المتغيرات. وفي الواقع، إن قلّة إسهام القطاع الخاص في تمويل البحث العلمي يضعف هذا القطاع، ويحرمه من استقرار هو في أمسّ الحاجة إليه. فبحسب دراسة الباحث صبحي القاسم، تساهم المصادر الحكومية بنسبة 89% من الإنفاق على البحث العلمي في العالم العربي، وتساهم القطاعات الإنتاجية بنحو 3% فقط، بينما تزيد هذه النسبة في الدول المتقدمة عن 50% (الجدول 4). وتدلّ هذه النسب على أن المردود المادي الذي توفّره التطبيقات العملية للأبحاث العلمية يحفّز الجهات الخاصة على الاستثمار في هذا القطاع، ممّا يولّد ديناميكية تمويل مستدامة تحوّل نشاطات البحث العلمي من نفقة تحتاج إلى تمويل، إلى استثمار مربح يدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.


الجدول 4: معدّل الإنفاق كنسبة من الدخل القومي الإجمالي، ومصادر تمويل البحث والتطوير في عدد من دول العالم، 1990-1995 (المصدر: صبحي القاسم "نظم البحث والتطوير في الدول العربية"، 1999)

ونظراً لضعف الإمكانات المادية المرصودة للأبحاث العلمية، نجد أن معظم مراكز الأبحاث والمختبرات الجامعية تفتقر إلى التجهيزات التقنية الحديثة التي تُعدّ من الوسائل الأساسية لإجراء الأبحاث العلمية.
وإلى جانب المعوقات المادية والتقنية، تتجسّد المشكلة الأبرز التي يعاني منها البحث العلمي في الوطن العربي في قلّة الموارد البشرية العاملة في هذا المجال، إذ تقلّ نسبة الملتحقين بفروع العلوم في التعليم العالي في البلدان العربية، ولا سيما مقارنة مع بلدان تشهد نهضة كبيرة في ميدان المعرفة مثل كوريا، على الرغم من تميّز الأردن وتليها الجزائر في هذا المضمار (الجدول 5).


وما يزيد من قلّة الموارد البشرية العاملة في ميدان البحث العلمي، هجرة الكفاءات العلمية إلى خارج الوطن العربي. فعلى الرغم من حاجة الدول العربية الماسّة لكل كفاءاتها العلمية للنهوض بواقعها وردم الفجوة التقنية التي تفصلها عن الدول المتقدمة، يهاجر الكثير من الباحثين وأصحاب الشهادات العليا إلى الدول الصناعية، وذلك لأسباب عدة نذكر منها عدم توفّر الإمكانات المادية والتقنية اللازمة للبحث العلمي في الوطن العربي، والإغراءات المادية التي تقدّمها لهم الدول الغربية.
كما أن هيكلية مراكز الأبحاث العربية نفسها تعاني مشاكل عدة على رأسها البيروقراطية وسوء التنظيم. فهي تكتظ بعمّال وإداريين يشكّلون عبئاً على ميزانيتها، وبالتالي تعجز عن استقطاب العدد الكافي من الباحثين ذوي الكفاءة. والأمر نفسه ينطبق على مؤسسات التعليم العالي التي يُفترض أن يساهم أساتذتها مساهمة فعّالة في إجراء الأبحاث. لكن العبء التدريسي الذي يقع على الأستاذ الجامعي يستنفذ طاقته الإنتاجية، ولا يترك له الوقت الكافي لإجراء الأبحاث. فضلاً عن ذلك، يلعب العامل الاقتصادي دوره في ظل أعباء الحياة المتزايدة، حيث يدفع بالأستاذ الجامعي إلى التعاقد مع جامعات أخرى أو العمل كمستشار في إحدى الشركات بدل القيام بالأبحاث. وفي حين تمنح معظم الجامعات العربية الحكومية الأستاذ دورياً فرصة التفرّغ لإجراء الأبحاث لمدة سنة بعيداً عن الأعباء التعليمية، فإن الكثير من الأساتذة يفضّلون استغلال هذه السنة في التعاقد مع الجامعات الخاصة في بلدانهم أو في بلدان أخرى، وذلك بغية تحسين ظروفهم المعيشية.
ولا يمكننا في إطار الحديث عن مشاكل البحث العلمي في العالم العربي، أن نغفل تأثير مستوى التعليم في المراحل الإعدادية والثانوية، ولا سيما في ما يتعلق بالمواد العلمية. فالطالب يتلقّى المبادئ العلمية الأساسية في المدرسة، وفيها قد يكتسب الفضول العلمي وحبّ المعرفة، مما يهيّؤه لاحقاً للعمل في مجال الأبحاث. كما أن التطبيقات والتجارب العلمية العملية التي يجريها الطالب في المختبر تعلّمه الأسس العملية لإجراء الأبحاث، ومن هنا أهمية التجهيزات التقنية في المدارس. لكن الكثير من المدارس العربية تفتقر إلى الإمكانات التقنية اللازمة، مما يقلل من فرص تخريجها لطلاب يحبّون البحث العلمي. بالإضافة إلى ذلك، تلعب طريقة تدريس العلوم دوراً أساسياً في هذا الإطار. فالأساليب التربوية الحديثة تبتعد عن طرق التلقين المباشر وتقوم على جعل الطالب يكتشف المعلومة بنفسه من خلال التفكير والتجربة، الأمر الذي يجعل البحث العلمي جزءاً لا يتجزأ من العملية التعليمية اليومية. لكن مدارس عربية عديدة لا تزال تعتمد طريقة التلقين المباشر، على الرغم من التحسينات التي أدخلتها على مناهجها، وذلك بسبب عدم تدريب الأساتذة على الطرق التعليمية الحديثة. ويقول د. وجيه عويس، رئيس الجامعة الأردنية للعلوم والتكنولوجيا، وأحد أهم علماء الوراثة في العالم العربي: "لقد فشلنا نوعاً ما في التواصل مع عقول التلاميذ وتشجيعهم على التعامل مع المعلومات بشكل فعّال. فالتلاميذ يحفظون كل كلمة في كتب العلوم، ومن يحصل منهم على أعلى العلامات يلتحق بأصعب الاختصاصات في الجامعة."
ولا تقتصر معوقات البحث العلمي في العالم العربي على التمويل والمؤسسات البحثية والتربوية، بل تتجاوزها لتشمل مصادر المعرفة والمعلومات، وهي قليلة في العالم العربي مقارنة مع باقي الدول. ففي حين يمكننا حصر عدد العناوين الموجودة في أكبر المكتبات الجامعية العربية بالآلاف، فإن مكتبة جامعة هارفرد الأميركية تضم أكثر من 19 مليون عنوان. وبحسب الدراسة التي أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع الصندوق العربي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في العام 2004، فإن عدد الكتب التي تمّت ترجمتها إلى اللغة العربية خلال الألفية الماضية لا تتجاوز العشرة آلاف كتاب، وهو نفس عدد الكتب التي تُترجم إلى الإسبانية سنوياً.
وهذه المشاكل المتشعّبة التي تعيق الأبحاث العلمية في العالم العربي تفرض علينا العمل ضمن خطة تنموية شاملة تطاول كافة الصعد وتقوم على وضع البحث العلمي على رأس أولويات الدول لما له من تأثير يطاول كافة القطاعات.
فعلى الصعيد المادي، على الدول أن تخصّص المزيد من الدعم للبحث العلمي، كما يجب تشجيع المؤسسات الأهلية والمستثمرين على دعم هذا القطاع الحيوي. وفي الواقع، يمكننا استشراف بارقة أمل في هذا الإطار، وذلك من خلال نماذج لمؤسسات بحثية أهلية أثبتت وجودها وجدارتها في العالم العربي، مثال على ذلك "مؤسسة الكويت للتقدم العلمي" التي أُنشئت في العام 1976، و"المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا" التي أنشئت في العام 2002 على يد نخبة من حوالى 300 عالم عربي في الشارقة (الإمارات العربية المتحدة).
كما يُعدّ التخلص من البيروقراطية في مراكز الأبحاث والجامعات من الخطوات الأساسية التي ينبغي اتباعها للنهوض بواقعنا العلمي في العالم العربي. إضافة إلى ذلك، يجدر بالمؤسسات البحثية والتعليمية القيام بعملية "إعادة هيكلة" واختيار أصحاب القرار والأساتذة والباحثين بناء على كفاءتهم ومؤهلاتهم، بعيداً عن أي اعتبارات أخرى. ويقول د. صومة أبو جودة، مدير مركز تعليم العلوم والرياضيات في الجامعة الأميركية في بيروت، وهي من الجامعات التي أثبتت نجاحها في المنطقة العربية على المستوى التعليمي والبحثي، أن عنصر النجاح الأساسي في الجامعة هو أن "ترقية الأساتذة تتمّ بناء على الأبحاث التي يجرونها". وفي الإطار نفسه، يجب ألا ينسى رؤساء الجامعات وأصحاب القرار فيها أن وظيفة الأستاذ الجامعي لا تكمن فقط في التدريس، بل إن إجراء الأبحاث يُعدّ جزءاً أساسياً من عمله، ومن هنا ضرورة عدم إثقال جدول الأساتذة الجامعيين بالمحاضرات.
ومن ناحية أخرى، يجب على المؤسسات البحثية والتعليمية أن تفعّل دورها عبر التخطيط الذكي لنقل التطورات التقنية وتوطينها في العالم العربي، مما قد يمهّد لنهضة عربية، تجعل العرب ينتقلون من مرحلة نقل التقنية إلى تصديرها، ومن استهلاكها إلى إنتاجها. وتقع على عاتق هذه المؤسسات وغيرها من الجهات المعنية بالحركة العلمية، مسؤولية تفعيل حركة ترجمة الكتب والأبحاث العلمية إلى اللغة العربية، لما في ذلك من تعميم للمعلومات العلمية. وتجدر الإشارة هنا إلى أهمية توحيد المصطلحات العلمية باللغة العربية.
ولعل الخطوة الأهم في تطوير البحث العلمي في الوطن العربي تكمن في تفعيل التعاون بين الدول العربية في هذا الإطار، وتحديد الأولويات والمسائل المشتركة التي يجب أن تُجرى حولها الأبحاث، والعمل عليها بشكل جماعي، الأمر الذي يوفّر الكثير من الوقت والجهد والمال على جميع المساهمين في البحوث، كما يوثّق الصلات العلمية والصناعية بين الدول. وتجدر الإشارة هنا إلى ضرورة تغليب المصلحة العليا للأمة العربية على المصالح المحلية الضيقة في إطار التعاون بين الدول، وإلى أهمية تفعيل دور المؤتمرات العلمية التي تُعقد على مستوى الوطن العربي.
وعلى الرغم من صعوبة التحديات التي تواجهها الأمة العربية، إلا أنها، بالعمل الدؤوب من مختلف القطاعات الحكومية والأهلية، وبالتعاون والتنسيق بين الدول والقطاعات، تستطيع النهوض بواقعها، واستعادة دورها الريادي في العالم. وهل يمكننا أن ننسى أن العرب كانوا على مدى ثمانية قرون، مركز الثقل العلمي في العالم؟ وأنهم هم الذين نقلوا علوم اليونان والفرس إلى الغرب؟ أوليس العلماء العرب الأوائل أمثال ابن سينا والرازي وجابر بن حيّان هم الذين وضعوا اللبنة الأساسية التي قامت عليها العلوم الحديثة؟

Read More.. Read more...

المعلوماتية وتكنولوجيا التعليم: مفاهيم رئيسة

المعلوماتية وتكنولوجيا التعليم: مفاهيم رئيسة

تتبدي إرهاصات مولد القرن الحادي والعشرين، مع مخاض ميلاده وبزوغ شموسه، وسط رياح تغيير عاتية لم تشهدها البشرية من قبل الفكر والمنتج. في النظرية والتطبيق، في المظهر والمحتوى، في العلاقات والتوجهات، في أنماط المشكلات وبدائل حلولها، في الطموحات والإمكانات، في أهداف البشر ووسائل تحقيقها، كل هذا بين صراع قوي دافعة وأخرى كابتة، قوى محفزة وأخرى محبطة، قوى منافسة وأخرى مهادنة، قد تتشابك في تفاعلاتها، وقد يتخلى بعضها عن موقعه، وقد يتحول بعضها في توجهاته، وغير ذلك. ونتيجة لذلك كله ولغيره تظهر بعض المفاهيم التي نلمس أبعادها ونحتك بمضامينها ونسعى جاهدين لتعرف عناصرها المختلفة وتداعايتها المترامية: ولعل من أهم تلك المفاهيم: "المعلوماتية"، "تكنولوجيا التعليم"، "علم السلام"، "المعاصرة"، "الحداثة"، الغزو الفكري"، "الالتحام الثقافي"، "الوعي الناقد"، وغير ذلك. من هنا أتى هذا اللقاء لنتناول فيه حديثاً موجزاً حول "المعلوماتية وتكنولوجيا التعليم" نلقي به الضوء على كل منهما سعياً لفتح آفاق جديدة على المستويين النظري والتطبيقي للباحثين للدرس والاطلاع والتفكير التأملي والتفكير التحليلي في المجال التربوي بصفة عامة ومجال تربية الطفل على وجه الخصوص. ويتناول لقاؤنا العناصر الرئيسة التالية: أولاً: المفاهيــم: (1) المعلوماتية: في عام 1963م قدم الباحث الياباني ميتشكو إبحاراشي (lagarachi Michiko) مصطلح "مجتمع المعلومات ليشير به إلى المجتمع الذي يعتمد في بنيته ونموه ومسيرته نحو التقدم على المعلومات. وأصبح ذلك التعريف مفتاحاً لأفكار الساسة ولرجال التكنولوجيا في مجالات كثيرة. واهتم به المنظرون والمفكرون حتى تطور في عقدنا الأخير ليدل على المجتمع الذي يعتمد على تكنولوجيا الفكر، وبصورة رئيسة على المعلومات والحواسب وشبكات الاتصال ومن هنا أتى لفظ "المعلوماتية Informatics أو "تكنولوجيا المعلومات" أو "المعلوميات" مرادفاً لعلم المعلومات Information Science ودراسات المعلومات Information Studies وتجهيز المعلومات Information Formation ولعل أول من استخدمه هو العالم الروسي ميخائيلون 1966 . وذلك للدلالة على المجالات المتصلة بالتجهيز الآلي للمعلومات أو البيانات، وعلى الأنشطة المتصلة بتصميم الحاسبات وإنتاجها واستخدامها. وكذلك بالجوانب الدراسية والعملية لقضايا ومشاكل المعلومات. والمعلوماتية بذلك خليط من المعلومات والتكنولوجيا، فمجالها يتضمن بنية وتركيب وخصائص المعلومات وتنظيمها وتخزينا واسترجاعها وتقييمها وتوزيعها، كما يشمل نظم المعلومات وشبكات المعلومات وعمليات وأنشطة المعلومات التي تمثل الوسيط بين مصدر المعرفة والمستفيد منها وتعتمد في ذلك على النظم العامة ونظم السيبرنيطيقيا- التحكم الآلي- والأتمتة واستخدام التكنولوجيا من أجل بيئة العمل الإنساني في كل جوانبها. ولعل التعريف السابق يتضمن فيما يتضمن أن المعلومات بوصفها منتج للعملية المعرفية- قد تكون مصدراً Source وقد تكون سلعة Commodity وقد تكون مدركاً حسياً Perception وقد تكون قوية لصياغة مجتمع بعينه Formative Power، وقد تكون خليطاً من هذا وذاك أو من ذلك كله، وأياً ما كانت فإن هناك اتفاقاً بين بعض الباحثين في الأهداف الرئيسية لسياسية "المعلوماتية" في أي بقعة من البقاع لا بد أن تهدف إلى: 1. تحقيق بنية أساسية للاتصالات من بعد تتميز بالكفاءة. 2. الارتفاء بمستوى الإنتاجية تأثيراً في كل ما يحيط بها.3. الارتفاع بمستوى التدريب، التعليم، التدريس. 4. تحقيق التماسك الاجتماعي. وهنا تبدو قيمة "المعلوماتية" أو "تكنولوجيا المعلومات" في التنمية لأي مجتمع من المجتمعات بتكويناتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية. (2) تكنولوجيا التعليم: تطور مفهوم التنمية البشرية ـ شأنه شأن كل مفهوم يبتدعه البشر ويطبقونه ـ فقد تحول التعريف من أن التنمية البشرية تركز على توفير قوى بشرية مدربة إلى أن البشر أنفسهم مصدراً يزداد قوة وقيمة ومعنى عن طريق الاستثمار بالتعليم والتدريب وغيرهما من مجالات الخدمات. من هنا أصبحت التنمية البشرية هي عملية توسيع الخيارات بين الناس محددة في ثلاث: العيش لحياة صحيحة (ومديدة)، واكتساب المعارف، ثم الحصول على ما يسمح بمستوى معيشة لائق، وانعكس ذلك المفهوم بلا شك على ميدان التربية بوصفه أهم ميادين الخدمات. فبدأ التأكيد على مفاهيم أخرى مستحدثة مثل "تكنولوجيا التعليم" الذي بدأ في الظهور مواكباً لمفهوم "المعلوماتية" عام 1963م بواسطة جمعية التربية الوطنية الأمريكية وبدأ في الانتشار عام 1970 بعد أن عرفته لجنة الرئيس الأمريكي للتعليم، وكان بسيطاً قاصراً، غلى أن بدأ في التسعينات بأخذ صورة أخرى على المستويين النظري والتطبيقي، وأصبحت تكنولوجيا التعليم تعرف بوصفها: منهجية عامة يتم فيها تفاعل البشر فكراً وسلوكاً مع التقنيات والتعميمات العلمية من أجل تيسير عملية التعليم والتعلم، أو كما يعرفها جنترى 1991 Gentry هي: التطبيق المنظومي الشامل للاستراتيجيات والأساليب المستمدة من العلوم السلوكية وغيرها وكذا من المفاهيم الأخرى والآلات لحل المشكلات التعليمية. ثم أصبحت تكنولوجيا التعليم الآن وفي أسبوع معانيها: "عملية متكاملة تتضمن تخطيط، وإعداد، وتنفيذ، وتقويم شامل، وتطوير لمواقف التعليم والتعلم في كل جوانبها من خلال عناصر بشرية وتقنية تعمل بانسجام في محاولة لتحقيق الأهداف المنشودة.وعليه فإن هذا المفهوم لتكنولوجيا التعليم يشمل الأبعاد التالية: 1.العلميات الإجرائية: مجموعة الخطوات الإجرائية التي تتم وفق نظام مبني على أساس من العلاقات المتبادلة بين عمليات التخطيط والإعداد والتطوير والتنفيذ والتقويم لمختلف جوانب عملية التعلم والتعليم. 2.الوسائل التقنية: بجانبيها الأجهزة (Hardware) والبرمجيات (Software) أما الأولى فتشير إلى مجموعة الآلات التي تستخدم في عمليتي التعلم والتعليم مثل أجهزة عرض الشفافيات وعرض الشرائح وعرض الأفلام المتحركة والمسجلات الصوتية والتلفزيون والفيديو والحاسب التعليمي وما إلى ذلك، في حين تعنى البرمجيات بمجموعة البرامج التي يتم من خلال تحويل المادة التعليمية من شكلها التقليدي المعروف في الكتاب المقرر إلى الشكل المبرمج، وتتم عمليات البرمجة وفق قواعد وأصول تراعى من خلالها مبادئ مدروسة في التعلم والتعليم والتطوير والإنتاج والتقويم. ويمكن عرض هذه البرامج من خلال أحد الأجهزة السابق ذكرها. لتغطية جميع عناصر المنهج المدرسي. 3.العناصر البشرية: من المعروف أن كلا من المعلم والمتعلم يشكلان طرفي الأساس في عملية التعلم والتعليم، وفي تكنولوجيا التعليم ينظر إليهما من خلال نظريات الاتصال التي تقترح وجود عنصري الاتصال الأساس وهما المرسل أو المصدر، والمستقبل، وقد ركزت نظريات الاتصال على مصطلح المصدر لكي تشير إلى أن مصدر الاتصال يمكن أن يكون بشرياً وغير بشري، فربما يكون المعلم وربما يكون الحاسب أو الفيديو وغير ذلك من الأجهزة التقنية كمصادر للتعلم أن يتحول دور المعلم من ملقن ومحاضر إلى مصمم. والمصمم التعليمي يلعب دوراً مهماً وأساسياً في تصميم وتطوير وتنفيذ وتقويم مادة التعليم، وتحويلها من مادة خام إلى برمجة تعليمية منظمة وهادفة يمكن عرضها من خلال جهاز تقني مناسب. ومما سبق فالعلاقة بين تكنولوجيا المعلومات- المعلومات- وتكنولوجيا التعليم هي علاقة تبادلية، إذ تعتمد تكنولوجيا التعليم على تكنولوجيا المعلومات، وبدون معالجات للمعلومات يصير قصوراً لمواقف التعليم. كما أن تكنولوجيا المعلومات تعتمد على تكنولوجيا التعليم إذ أنه دون وجود لبشر ذوي خبرة ولمجال تطبيقي مناسب ولبيئة تقويم وإبداع رائدة تقل قيمة تكنولوجيا المعلومات. وقد تنتفى وتندثر قيمتها. العلاقة إذاً هي علاقة أخذ وعطاء. وعلاقة تداخل وانتماء، وهي علاقة سببية يصعب إنكارها، كما يصعب استبعاد أحد عناصرها. ويرتبط بتواجد المفهومين "تكنولوجيا التعليم" Instructional Technolog" و "تكنولوجيا المعلومات" Informatics تواجد مفهوم ثالث هو مفهوم "المعلومات والاتصالات" Telemetrics والذي يهتم به الآن المسئولون عن أنماط التعليم المفتوح والتعليم من بعد أو ما يطلق عليه "التعليم المرن".ولعل انطلاقه القمر الصناعي المصري نايل سات Nile Sat عام 1997م وتخصيص قنوات تعليمية Thematic Channels وقناة للبحث العلمي لدليل قوى على اهتمام القيادة السياسية بتطبيق المفاهيم الثلاثة السابقة في مجالات التعليم والتدريب والبحث.

Read More.. Read more...

واقع الكتاب المدرسي في الوطن العربي

واقع الكتاب المدرسي في الوطن العربي
ملايين الكتب المدرسية يتمّ إتلافها سنوياً

قليلة جداً هي الأبحاث العربية التي تتناول تطوّر وتاريخ الكتاب المدرسي في مدارسنا. ففي فترة قديمة من تاريخ الأمة العربية التي عرفت المدارس والحلقات والكتاتيب والزوايا، كانت الكتب المقرّرة تقتصر على الكتب الدينية وبعض كتب العلوم. وكانت هذه الكتب محدودة العدد نظراً لعدم توفّر المطابع الحديثة القادرة على إنتاج الآلاف والملايين من النسخ كما هو الحال اليوم. وعلى الرغم من هذا، تطوّرت المدارس والكتاتيب وكان الطلاب يقومون بنسخ الكتب يدوياً. وفي ذلك العصر، كان التركيز على الحفظ يُعتبر إحدى أهمّ الآليات لمواجهة النقص في الكتب التعليمية، ولهذا فإن تاريخ الأمة حافل بالقصص والنوادر والروايات التي رافقت تطوّر التعليم العربي والإسلامي في العصور القديمة.
في تاريخ أمتنا المعاصر، يُعدّ الكتاب المدرسي من أهم الإضافات التي استجدّت مع ظهور الدولة العربية الحديثة. ومنذ بداية عهدها بالحداثة، وضعت الدول العربية على رأس أولوياتها إنشاء المدارس ونشر التعليم للجميع. وبالتالي، برزت أهمية توفير الكتاب المدرسي لنشر المعارف والعلوم بين الطلاب، الأمر الذي يؤدي إلى بناء مجتمع متنوّر صالح. وقد بُذلت جهود واضحة من قِبل الحكومات العربية التي أخذت على عاتقها مسؤولية توفير التعليم للجميع، ولم تكن هذه السياسات والخطط الوطنية بعيدة عن التحديات والمصاعب على مستويات عدة في مقدمتها توفير الأموال اللازمة لإيجاد الكتب المناسبة وتوفيرها لجميع المراحل الدراسية، وتوصيلها إلى كافة المدارس حتى في المناطق النائية. ونظراً لعدم توفّر الخبرة لدى معظم الدول خلال تلك الفترة القديمة، فإنها كانت تعتمد في أحيان كثيرة على الخبرة والدعم الأجنبيين. لكن هذا لم يثنِ الدول العربية عن المضي قدماً في البحث عن الموارد والخبرات اللازمة لتوفير الكتاب المدرسي للطلاب. وحتى تتغلب الدول العربية على هذه الإشكالية، عمدت إلى الاستعانة بالخبرات الأجنبية بعد تخلّصها من الاستعمار، كما عملت على تبادل الخبرات فيما بينها. ومن يراجع دوائر المناهج في الوزارات والإدارات التعليمية العربية، يطّلع على العديد من القرارات والمشاريع التعاونية التي تمّت بين الدول العربية في هذا المجال الحيوي والاستراتيجي والوطني البالغ الأهمية. لم تكن الأمور بالسهولة التي يتصوّرها البعض، ولذلك فإنه من الضرورة بمكان أن يُدرس تاريخ تطوّر الكتاب المدرسي في الوطن العربي بغرض توثيق مرحلة هامة في تاريخ أمتنا العربية المعاصر، فتعرف أجيالنا القادمة بأن ما تشهده من إنجازات في مجال الكتاب المدرسي جاء نتيجة جهود ضخمة قامت بها الحكومات العربية من أجل توفير التعليم للمواطنين. وقد تفاوت وضع الكتاب المدرسي وتطوّره من قطر عربي إلى آخر ومن مرحلة دراسية إلى أخرى.
بعد هذا التاريخ الطويل من التطوّر والجهود الكبيرة في مجال تطوير الكتاب المدرسي وتوفيره، هناك الكثير من التحديات التي لا تزال تواجه هذا المجال في الوطن العربي، في مقدمتها توفير الموارد المالية الكافية للدول العربية لتمكينها من تطوير الكتاب المدرسي من حيث المحتوى والإخراج والتصميم، وتوفير الأعداد الكافية للطلاب في كل عام أو فصل دراسي. لكننا نشعر بالأسف عندما نرى أنه في نهاية كل عام دراسي، تواجه معظم الكتب المدرسية نهاية سيئة للغاية تصل إلى درجة إحراقها أو رميها مع النفايات والمخلّفات، وأحياناً في الشوارع وعلى أبواب المدراس، الأمر الذي يشكّل هدراً كبيراً في الموارد الوطنية نظراً للتكلفة العالية لطباعة الكتاب المدرسي. وتشكّل هذه النهاية المؤلمة للكتاب المدرسي أمراً بالغ الخطورة، فهي تربّي أبناءنا وبناتنا على عدم احترام العلم والمعرفة، وعلى عدم تقدير الجهود التي بُذلت لتوفير الكتاب على المستوى الرسمي والأهلي وعلى مستوى الأسرة. ومن هنا جاءت ضرورة العمل على الارتقاء بالوعي على مستوى المدارس والطلاب والأسرة. وفي هذا الإطار، لا بدّ أن تنشأ في كل مدرسة مكتبة للكتب المدرسية تكون مسؤولة عن استلام الكتب من الطلاب الذين يرغبون في إعادتها للمدرسة بعد استخدامها. ويمكن الاستفادة من هذه الكتب سواء ببيعها أو التبرّع بها للبلدان التي تحتاج إليها، أو البحث عن طرق ملائمة للاستفادة منها.
وفضلاً عن الناحية المادية، يبرز أمام الكتاب المدرسي والمشتغلين فيه تحدٍّ أكبر يتمثّل في التطوّر المعرفي الذي يطرأ على الكثير من ميادين العلوم ولا سيما في التخصصات التقنية والعلمية، الأمر الذي يضع على عاتق الجهات العاملة في إنتاج الكتاب المدرسي مسؤولية كبرى تتجسّد في الحرص على مراجعة الكتب وتطويرها من قِبل المتخصصين. وهذا يفرض على الجهات المسؤولة القيام بتقييم الكتب المدرسية ومراجعتها بشكل دائم لضمان احتوائها على أحدث المعلومات والمعارف وتماشيها مع المتغيرات الكثيرة التي تطرأ على الواقع العربي والدولي. ففي الميدان العلمي والتقني، تحدث الابتكارات والاختراعات بشكل متسارع قد يفوق قدرات وإمكانات المؤسسات الحكومية والمالية والعلمية والفنية والتقنية على استيعابها. لكن القطاع الأهلي الخاص قادرعلى القيام ببدور فعّال إذا أُتيحت له الفرصة ووضعت له التنظيمات التي تضمن الجودة والالتزام بالسياسات والتشريعات التي تضعها الدول. وسوف يوفّر القطاع الخاص على الحكومات العربية مسألة البحث عن أحدث ما يتمّ التوصّل إليه من معارف وعلوم وما يستجدّ من متغيرات في مجال التقنية، ويؤمّن الكوادر البشرية القادرة على متابعة هذه المتسجدات، كما سيوفّر الموارد المالية التي قد تعجز المؤسسات الرسمية عن الحصول عليها، وذلك بهدف إنتاج الكتب المدرسية المواكبة لآخر التطورات العلمية، وبما يلائم احتياجات التنمية، وحتى نتمكّن من وضع طلابنا في الصدارة مع طلاب الدول المقتدمة صناعياً، والسماح لهم بالمنافسة في المجالات العلمية والمعرفية، وبما يسمح بتخريج أجيال من المبدعين والمتخصصين القادرين على نقل العلم والمعرفة والتقنية الحديثة إلى الوطن العربي والاعتماد على الذات في مختلف المجالات التنموية.

Read More.. Read more...

  © Blogger template The Professional Template II by Ourblogtemplates.com 2009

Back to TOP