Photobucket

وعية الأهل والمعلّمين تجنّب الأطفال المصابين بعسر القراءة الكثير من المعاناةالدسلكسيا

السبت، ١٣ جمادى الآخرة ١٤٣٠ هـ


توعية الأهل والمعلّمين تجنّب الأطفال المصابين بعسر القراءة الكثير من المعاناةالدسلكسيا: مرض الموهوبين

استُخدم مصطلح "صعوبات التعلّم" للمرة الأولى في العام 1963 عندما أشار العالم الأميركي صاموئيل كيرك أن هناك فئة من الأطفال يصعب عليهم اكتساب مهارات اللغة والعلم بأساليب التدريس العادية، على الرغم من كون هؤلاء الأطفال لا يعانون تخلّفاً عقلياً أو أي إعاقات بصرية أو سمعية تحول بينهم وبين اكتساب اللغة والتعلّم. كما عرّفت اللجنة الوطنية المشتركة لصعوبات التعلّم في العام 1977 صعوبات التعلّم في أنها ضعف القدرة على الاستماع أو التحدّث أو القراءة أو الهجئة أو حلّ المسائل الرياضية. وتتمثّل هذه الصعوبات في خلل متعلّق باستخدام اللغة والأرقام لا ينجم عن إعاقات بصرية أو سمعية أو حركية أو اضطرابات انفعالية أو ظروف بيتية. وهناك ثمانية أنواع من صعوبات التعلّم: خلل في التناسق (دسبراكسيا) ، وعسر الحساب (دسكالكوليا)، وعسر الكتابة (دسجرافيا)، وعسر الكلام (دسفازيا)، وعسر القراءة (دسلكسيا)، وصعوبة التركيز، ومشكلة العتمة، بالإضافة إلى الحركة الزائدة وقلة التركيز.
وقد أدّى اكتشاف صعوبات التعلّم إلى حدوث نقلة نوعية في النظم التعليمية في العالم. فقبل ابتكار هذا المصطلح الحديث نسبياً والتمييز بين فئاته المختلفة، كان الأطفال الذين يعانون صعوبات في التعلّم يُعتبرون متخلّفين أو متأخّرين، مع أن مستوى ذكائهم في بعض الأحيان، يفوق مستوى ذكاء أقرانهم.
الدسلكسيا
ومن أكثر صعوبات التعلّم شيوعاً عسر القراءة أو الدسلكسيا وهي كلمة يونانية الأصل يُقصد بها صعوبة في فهم أو استخدام جانب أو أكثر من اللغة والتي تشمل السمع أو الكلام أو القراءة أو الكتابة أو التهجئة، لا ترجع لقصور في الذكاء أو لإعاقة حسية. تصيب الدسلكسيا حوالى 10% من الأطفال، وهي تصيب الصبيان أكثر من البنات بمعدل 3:1. ويُعتقد بأن عدم التوازن في النسبة بين الذكور والإناث يعود إلى مركز اللغة في الدماغ والذي يتميّز بأنه أكثر نضجاً عند البنات دون الصبيان حتى سن البلوغ وسنوات المراهقة الأولى. ويكثر انتشار الدسلكسيا بين أقارب الدرجة الأولى مقارنة بين انتشاره بين عامة الناس. ويتمتّع الأطفال المصابون بالدلسكسيا بمستوى من الذكاء يتراوح بين المتوسط إلى ما فوق المتوسط، لكنهم يواجهون، على الرغم من ذلك، صعوبات بارزة في مجال أو أكثر من المجالات التعليمية والتربوية. وتتمثّل إحدى القواسم المشتركة بين المصابين بعسر القراءة في تفاوت تحصيلهم مع زملائهم في واحدة أو أكثر من الخبرات التعليمية، حيث يظهر بوضوع التباعد بين مستوى تحصيل الطفل وبين قدراته العقلية. ولكي يستطيع الطفل القراءة، عليه أن يتحكّم في الوقت نفسه، بالعمليات العقلية التالية:
1- تركيز الانتباه على الحروف المطبوعة والتحكّم في حركة العينين خلال سطور الصفحة.
2- التعرّف على الأصوات المرتبطة بتلك الحروف
3- فهم معاني الكلمات وإعرابها في الجملة
4- بناء أفكار جديدة مع الأفكار التي يعرفها من قبل
5- اختزان تلك الأفكار في الذاكرة
وتحتاج تلك العمليات العقلية إلى شبكة سليمة وقوية من الخلايا العصبية لتربط مراكز البصر واللغة والذاكرة بالمخ. والطفل الذي يعاني صعوبة في القراءة يكون لديه اختلال في واحد أو أكثر من تلك العمليات العقلية التي يقوم بها المخ للقراءة بطريقة صحيحة.
أسبابها
تنوّعت النظريات حول أسباب الدسلكسيا، إذ وجد بعض العلماء أن هذه الحالة ناجمة عن خلل في المخيخ، في حين رأى آخرون أنها نتيجة لعدم الفعالية في الربط بين القسم الأيمن والقسم الأيسر للدماغ. لكن حتى الآن، لم يتمّ الإجماع حول السبب الفعلي لعسر القراءة. وتتزايد الأدلة على أن العامل الوراثي يلعب دوراً في الدسلكسيا، ذلك أن 88% من الأطفال الذين يترددون على مراكز الدسلكسيا لهم إخوة أو أقارب من الدرجة الأولى مصابين بهذا النوع من صعوبات التعلم.
عوارضها
تتعدّد العوارض التي قد تنبّه الأهل والمدرّسين إلى احتمال إصابة الطفل بالدسلكسيا، ومعرفتها مهمّة لأن التشخيص المبكّر لهذه الحالة وبالتالي الاستخدام المبكر لوسائل المساعدة التي ابتكرها العلماء يسهّل على الأولاد التأقلم مع المراحل الدراسية المتقدمة، واجتيازها بنجاح. والمظاهر التي قد تكون مؤشراً على إصابة الطفل بالدسلكسيا هي التالية:
1- تناقضات بين مقدرة الطالب وإنجازاته الواقعية
2- صعوبة في التمييز بين اليمين واليسار وفي تحديد الاتجاهات
3- صعوبة في القيام بالأمور بالترتيب، كالعدّ أو تسميع الأحرف الأبجدية أو أيام الأسبوع أو أشهر السنة
4- صعوبة في التتابع البصري حيث يترك حرفاً أو كلمات أو سطراً أثناء القراءة، أو يقرأ السطر نفسه مرّتين
5- صعوبة في القراءة الجهرية لأنه إما يكون خجولاً أو ضعيف الثقة بالنفس
6- كتابة الأحرف أو الكلمات أو الأرقام بشكل معكوس كأن يكتب "ديز" بدلاً من "زيد"، أو "43" بدلاً من "34"
7- الخلط بين أصوات الحروف المتشابهة مثل: ح و خ، ع و غ
8- صعوبة في التهجئة (الإملاء) كأن يكتب "قطب" بدل "كتب"، أو "حذر" بدل "حضر"
9- صعوبة في الحساب وذلك بسبب ضعف التسلسل لديه والضعف في الذاكرة قصيرة المدى فضلاً عن الخلط بين اليمين واليسار، ذلك أن العمليات الحسابية كالضرب أو الجمع تصبح كابوساً إذا ظهرت الأرقام بشكل عشوائي
10- صعوبة في التنظيم والنشاط الروتيني حيث إذا وُضع له جدول أعمال كأداء واجبات دراسية، تنظيم الغرفة، الاتصال بصديقه، مشاهدة التلفاز، لا يستطيع تأدية هذه الأشياء حسب الجدول الزمني المحدد له
11- صعوبة في استعمال الحروف كمكوّنات للكلمات. وبالتالي، قد يستطيع الطفل قراءة الكلمات التي مرّت عليه في السابق، لكن يعجز عن قراءة حتى أبسط الكلمات الجديدة. وإذا كان التعليم المبكر للأطفال يعتمد على النظر إلى الكلمات ولفظها فإن الطفل المصاب بالدسلكسيا قد يستطيع قراءة الكثير من الكلمات ولكنه في هذه الحالة يتعرّف عليها من شكلها الكلّي
12- صعوبة في معرفة الوقت، لأنه لا يستطيع معرفة ما إذا كانت عقارب الساعة تشير إلى الساعة بالضبط أم بعدها
13- صعوبة في ربط شريط الحذاء أو ربطة العنق أو أي عمل يدوي يتطلّب معرفة اليمين واليسار
14- صعوبة في أخذ علامات الوقف بعين الاعتبار خلال القراءة، وبالتالي فهو يقرأ قراءة متواصلة أو متقطّعة
15- صعوبة في المقدرة الفراغية على التعامل مع الأشكال والمجسمات. على سبيل المثال، لو أعطينا التلميذ خطّان يحملان عدداً متساوياً من النقاط ولكن أحد الخطين أطول من الآخر، أي أن النقاط فيه متباعدة، لوجدنا أن التلميذ المصاب بالدسلكسيا يعتقد أن هناك نقاطاً أكثر في الخط الأول
16- نزعة إلى كثرة الحركة خاصة في أوقات الدرس
وتجدر الإشارة إلى أن وجود هذه العوارض، أو أحدها، لدى الطفل لا يعني بالضرورة إصابته بالدسلكسيا، وبالتالي، فإن الأشخاص المتخصصون هم الوحيدون القادرون على تشخيص حالة الطفل. لكن دور الأهل والمدرّسين أساسي جداً، فهم الأكثر تواصلاً مع الطفل، وبالتالي، الأكثر قدرة على ملاحظة سلوكه وتصرّفاته، ومن ثم الاتصال بالجهة المعنية.
كيفية تعامل المعلّم مع التلاميذ المصابين بالدسلكسيا
يحتاج الطفل المصاب بالدسلكسيا إلى الكثير من المتطلّبات من قِبل المعلّم الذي يجب أن يتسلّح بالوعي والمرح والذكاء والمرونة والصبر، ليتعامل مع الأطفال الذين يعانون عسر القراءة، بما يتماشى مع رسالته التعليمية السامية. لكن بعض المعلّمين يفتقرون إلى المعلومات الكافية حول عسر القراءة وصعوبات التعلم بشكل عام، وبالتالي، فإن عدم تحقيقهم النتائج المرجوة مع الطالب يصيبهم بالإحباط، وقد يلقون باللوم على أنفسهم بسبب عدم استجابة الطالب، أو قد يفترضون أن التلميذ غبي، مما يؤثر سلباً على العلاقة بين التلميذ والمعلم. وهذه العلاقة التي يجب أن تكون مبنية على المعرفة هي الأساس في نجاح العملية التعليمية. من هنا، تقع على وزارات التربية مسؤولية إطلاع الأساتذة على أنواع صعوبات التعلم، وتدريبهم على التعاطي مع التلاميذ المصابين بها. وبشكل عام، يجدر بالمعلّم أن يتقبّل الطفل الذي يعاني من إحدى صعوبات التعلّم كما هو، فلا يتوقّع منه المستحيل، ولا يصدر عليه أحكاماً مسبقة في البداية. وإذا شعر التلميذ باهتمام المعلم وتقديره له كإنسان له خصوصيته، يصبح أكثر راحة، وبالتالي، أكثر حرية في طرح الأسئلة دون خوف من أن يكون مدعاة للسخرية، إذ لا يجب أن ننسى في هذا الإطار أن الأطفال الذين يعانون صعوبات في التعلّم غالباً ما يلازمهم شعور بالخجل والإحساس بالإهانة بسبب فشلهم المستمر، يصبح أكثر حدة بمرور الوقت. كما ينبغي على المعلم ألا ينخدع بهزّ التلميذ لرأسه بينما هو يشرح الدرس، فليس هذا بالضرورة علامة فهم، بل ربما ينمّ عن الملل أو الخوف من أن يطرح عليه المعلم سؤالاً. والمعلّم المتفهّم لطبيعة التلاميذ المصابين بعسر القراءة يميّز بين ما يقدّمه التلميذ شفهياً وبين ما يقدّمه كتابياً، ويسمح له بالمشاركة بالأمور الشفهية قدر الإمكان لتعزيز ثقته بذاته، كما يعطيه وقتاً أكثر من باقي التلاميذ لإنجاز المهمات الكتابية. بالإضافة إلى ذلك، يُستحسن أن يتحلّى المعلم بالمرونة في إعطاء التلميذ الدرجة أو العلامة، وألا يملأ ورقة التلميذ المصاب بالدسلكسيا بالخطوط الحمراء أثناء التصحيح، حتى لا يحطّ من معنوياته. ولعلّ الناحية الأكثر أهمية التي يجب على المعلم أن يحرص عليها هي عدم توجيه الكلمات القاسية للتلميذ مثل غبي وكسول ومتخلّف، أو التأفف من استجابة التلميذ الخاطئة، إذ يؤثر هذا الموقف على نظرة التلميذ لنفسه وثقته بذاته، وقد يترك في نفسيته أثراً يلازمه طيلة حياته.
الوسائل التعليمية المستخدمة لتدريس المصابين بالدسلكسيا
تتنوّع الوسائل التعليمية المستخدمة لتدريس التلاميذ المصابين بعسر القراءة، وذلك بحسب درجة الإصابة لدى التلميذ والفروقات الفردية بين التلاميذ، لتراعي استراتيجيات التعلّم المختلفة لديهم حتى لا يصابوا بالملل وتشتّت الذهن والإحباط والتوتر. فهذه المشاعر السلبية تعيق عملية التعلّم لدى التلميذ وبالتالي قد تؤدي إلى الفشل.
ومن البرامج التي أثبتت فعاليتها في جعل المصابين بالدسلكسيا يشعرون بالأصوات عند نطقها برنامج "تسلسل الأصوات"، حيث يتمّ إعطاء الأصوات الساكنة أسماء تتفق مع الحركات التي تجري حين النطق بها. وهذا ما يعطي التلميذ شكلاً آخر من الإحساس للتعرف إلى أصوات الحروف، الأمر الذي يمكّنه من تفكيك الكلمة. فالتلميذ الذي يعجز عن تمييز الأصوات البسيطة التي تتألف منها الكلمة يستطيع الإحساس بفمه وهو يقوم بحركات مميزة ومنفصلة. بعد أن يتعلم التلميذ الحروف التي تناسب الأصوات، يصبح بإمكانه التعرّف على الكلمات. وتجدر الإشارة إلى مسؤولية الأهل والمعلمين في توظيف القصص المشوقة لاكتساب المزيد من الطلاقة وعدد الكلمات والاستيعاب لدى التلميذ.
أما الطريقة الصوتية اللغوية المنهجية، والتي تُعتبر من الوسائل الناجحة لمساعدة المصابين بعسر القراءة، فتقوم على مهارات الكتابة والتهجئة والخط، ولكن يجب أولاً تدريس التلاميذ أسماء الأحرف حتى يتعلّموا الصوت الذي يمثّله كل حرف. وتقوم الطريقة على الخطوات التالية:
1- يقوم المعلم بتقديم الحرف (س على سبيل المثال) مكتوباً على البطاقة والصورة على ظهرها (سمكة)،والمطلوب من التلميذ نطق اسم الحرف. نطق: (س)
2- ينطق المعلم الكلمة الخاصة بالصورة ثم ينطق صوت الحرف. نطق: (سمك، سين)
3- يكرر التلميذ الكلمة الخاصة بالصورة والصوت. نطق: (سمك، سين)
4- ينطق المعلم صوت الحرف ثم اسمه. نطق: (سين، س)
5- يكرر التلميذ الصوت واسم الحرف وهو يكتبه مترجماً الصوت الذي سمعه لتوّه إلى حروف مكتوبة. نطق: (سين، س) - كتابة: (س، ي، ن)
6- يقرأ التلميذ ما كتبه لتوّه لينطق بالصوت، أي أنه يترجم الحروف التي كتبها إلى الأصوات التي تُسمع. نطق: (سين)
7- يكتب التلميذ الحرف مغمض العينين ليتوفّر لديه إحساس بالحرف، فعند حجب إحدى الحواس كالنظر تصبح الحواس الأخرى مثل اللمس أكثر حدة
أما بالنسبة إلى الأطفال الذين يعانون صعوبات شديدة في التهجئة، فيمكن استخدام طريقة تقوم على رسم الأحرف في الهواء ليترسّخ شكلها في أذهانهم. ويمكن اعتماد الخطوات التالية:
1- يكتب المعلم كلمة غير معروفة على اللوح أو على ورقة وينطقها
2- ينطق التلميذ الكلمة
3- يتتبّع التلميذ أحرف الكلمة ويرسمها في الهواء بينما هو ينظر إليها ويسمّى كل حرف من حروفها، مما يسمح له بتصوّر الكلمة بشكل أكثر دقة
4- يمسح المعلم الكلمة أو يغطّيها ويطلب من التلميذ أن يرسمها في الهواء ويقرأها في الوقت نفسه
5- يكرّر الطفل رسم الكلمة في الهواء وقراءتها إلى أن يشعر بأنه قادر على تذكّرها بشكل صحيح
6- يكتب الطفل الكلمة من الذاكرة وينطقها
وفضلاً عن الطرق التعليمية الأكاديمية، يمكن مساعدة المصابين بالدسلكسيا عبر وسائل ترفيهية مثل ألعاب الكومبيوتر. وقد الباحثون في جامعة هلسنكي بابتكار أولى هذه الألعاب في العام 2001. وتقوم هذه اللعبة على المواءمة بين الأشكال والأصوات، وقد أثبتت نجاحها في مساعدة الأطفال المصابين بالدسلكسيا على القراءة عبر تنشيطها جزءاً من الدماغ.
دور الأهل
لا ينحصر تأثير صعوبات التعلّم، ومنها الدسلكسيا، على التحصيل الدراسي، بل إنها تؤثر على مجالات الحياة المختلفة وتلازم الإنسان مدى الحياة، متدخّلة في قدرته على تكوين صداقات وحياة اجتماعية ناجحة. وبالتالي، يجب أن يكون البرنامج المتّبع لمساعدة الطفل الذي يعاني عسر القراءة، شاملاً لكل نواحي التعلّم، الأمر الذي يلقي على الأهل، إلى جانب المعلّمين والأخصائيين، مسؤولية هامة في مساعدة أولادهم. بداية، يجب أن يدرك الأهل أن الصراع الدائم مع الطفل حتى يستطيع القراءة والكتابة وتأدية الواجبات المدرسية قد يشعر الطرفين بالغضب والإحباط والعدائية تجاه بعضهما البعض. بدلاً من ذلك، يستطيع الأهل المساهمة إيجابياً مع الطفل، عبر حرصهم على تنمية البرامج الدراسية المناسبة له، وكذلك عبر مشاركة المدرّسين والأخصائيين في وضع تلك البرامج التي تتماشى مع قدراته التعليمية. كما يجدر بالأهل أن يتعرّفوا على نقاط الضعف والقوة لدى الطفل، ويتقبّلوا أن هناك أموراً سيواجه الطفل فيها صعوبة مدى الحياة. وفي هذا الإطار، ينبغي عليهم أن يوضحوا له أن عجزه عن القيام ببعض الأمور مثل أقرانه لا يعني أنه فاشل، وأن لكل إنسان نقاط ضعفه التي تختلف بين شخص وآخر. ومن هنا تنبع أهمية عدم مقارنة الطفل بإخوانه أو أصدقائه، خاصة أمامهم، منعاً لإحراجه وزعزعة ثقته بنفسه. وبالنسبة لمشكلة الدسلكسيا بالتحديد، يستطيع الأهل اتباع بعض الأساليب والإرشادات التي تساهم، على الرغم من بساطتها، في تنمية قدرات الطفل. يمكنهم على سبيل المثال أن يشجّعوا الطفل على سرد الأحداث التي حصلت معه خلال اليوم، مما ينشّط ذاكرته ويعلّمه تنظيم أفكاره. وفي الإطار نفسه، يمكنهم استخدام التلفزيون بشكل مفيد، كأن يسألوا الطفل عمّا رآه خلال فترة المشاهدة "ماذا حدث أولاً؟ وماذا حدث بعد ذلك؟ وكيف انتهت القصة؟"، إذ من شأن هذه الأسئلة أن تعلّمه تسلسل الأفكار. كما يمكن للأهل أن يحضّوا الطفل على مشاهدة البرامج التي تزيد من مفرداته اللغوية، وأن يلفتوا نظره، من خلال ما يشاهده، إلى أي الأجزاء مع بعضها تكوّن الكلّ وأن العالم يتكوّن من مجموعة من الأشياء المتداخلة. فضلاً عن ذلك، على الأهل أن يحرصوا على الكلام مع الطفل بصوت واضح ومرتفع كفاية، وعلى استخدام مصطلحات الاتجاهات بشكل دائم في الحديث مع الطفل مثل: "فوق، تحت، يمين، يسار، داخل". وتبقى النقطة الأهم هي تشجيع الطفل على تطوير مواهبه الخاصة. فعلى الرغم من المصاعب التي يواجهها المصابون بالدسلكسيا في حياتهم الأكاديمية والعملية، إلا أن معظمهم يتمتّع بمستوى عالٍ من الذكاء ويظهر مواهب مميزة. والتاريخ حافل بالمشاهير والعلماء الذين كانوا يعانون عسر القراءة أو الدسلكسيا، ومنهم: أديسون (مخترع المصباح الكهربائي)، اينشتاين (صاحب النظرية النسبية)، دافنشي (فنان ومهندس معماري وعالم إيطالي)، بيل (مخترع الهاتف)، ولت ديزني (مخترع ألعاب ديزني)، تشرشل (رئيس وزراء بريطانيا)، ويلسون (رئيس أميركي)، أندرسون (مؤلف دنمركي)، كوشنج (جراح دماغ أميركي وكاتب)، بيكاسو (فنان إسباني)، توم كروز (ممثل أميركي)، هذا فضلاً عن العديد من رجال الأعمال والمفكّرين في مجتمعاتنا العربية. وبما أن الأهل هم الأكثر تماساً مع الطفل، فهم الأقدر على معرفة الأشياء التي يستمتع الطفل بالقيام بها ويبرع فيها، وبالتالي، هم الأقدر على تنمية مواهب أطفالهم. ومن المفيد أيضاً أن يسرد الأهل على مسامع طفلهم المصاب بالدسلكسيا سير حياة المشاهير المصابين بالمشكلة نفسها، ويعرّفوهم على الإنجازات التي قدّموها للبشرية، رغم ما اعترضهم من تحدّيات. ففي داخل كل طفل، بذور إبداع كامن، لن يتسنّى لها أن تنمو وتثمر، إلا في وجود الرعاية والاهتمام الكافي الذي يعزّز ثقة الطفل بنفسه، ويحفّزه على التنقيب عمّا في داخله من ملَكات مخبّأة.

0 komentar:

إرسال تعليق

Comment here

  © Blogger template The Professional Template II by Ourblogtemplates.com 2009

Back to TOP